د. عبدالعزيز الجار الله
قبل سنوات قليلة كانت المؤسسة العامة للتقاعد وأيضا معها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لا ترى كل مؤسسة على حدة وبدرجة متفاوتة - لا ترى - ضرورة لزيادة سنوات الخدمة وبخاصة مؤسسة التقاعد وهي المسؤولة عن القطاعين العسكري والمدني الحكومي حتى أن التقاعد لا تفكر في الحديث عن تمديد العمر الوظيفي، ونجدها الان تسعى إلى زيادة العمر الوظيفي وتبدي مبرراتها وأسبابها، أذن: ما الذي تغير؟.
التحولات السريعة التي طرأت على الاقتصاد السعودي والعالمي في المتغير السلبي بالأسواق العالمية وأهمها سوق النفط ،والانعكاسات السلبية والمتتالية لحروب الربيع العربي، والحرب على الإرهاب وكلفته العالية، وحرب اليمن التي أجهدت الخزينة الخليجية، أيضا استنزاف الحرب في سوريا، فهذه التطورات المتلاحقة تمت منذ عام 2011م حيث (أربكت) الاقتصاد السعودي وبالتالي ( هزت ) ثوابت بعض المؤسسات ومنها وأهمها مؤسسة التقاعد التي أعلنت أنها بعد خمس سنوات ستواجه مشكلة حقيقة، أما لماذا بعد خمس سنوات أي ما بعد عام 1441هـ عام 2020م؟ فهو السؤال الأهم.
يتقاعد هذا العام حوالي عشرة الاف موظف: تقاعد نظامي ومبكر وترك الوظيفة. هذه أرقام مقبولة لدى مؤسسة التقاعد ممن هم مواليد عام 1377هـ،لكن المشكلة الحقيقية تبدأ مع مواليد عام 1380هـ وما بعدها - ما بعد حوالي خمس سنوات - وهي مرحلة تاريخية شهدت فيها المملكة تغيرا اقتصاديا وحضاريا زمن الملك سعود يرحمه الله انعكس على التنمية والتطور والولادات وإحداث الوظائف الجديدة بإنشاء الوزارات والمدارس والكليات والجامعات والهيئات الرسمية وقطاع الخدمات، تعد بداية تكوين الدولة الحديثة بعد التأسيس في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله.
فترة الثمانينات الهجرية الستينات الميلادية تمثل مرحلة لعهدين الملك سعود والملك فيصل يرحمهما الله بما شهدته تلك المرحلة من تحديث الدولة وما رافقه من ولادات وانتشار التعليم هيأت جيلا من الجامعين والعسكريين وافق دخوله الوظيفة مع النصف الأول من الطفرة الاقتصادية (1975 - 1985م) والتي شهدت وفرة مالية وطفرة في الوظائف الحكومية،دفعت الدولة بسخاء أرقام وظائف على القطاعين المدني والعسكري،كما أن الدورة الاقتصادية الأولى انعكست إيجابا على القطاع الخاص الذي عرف هو الاخر طفرة في المؤسسات والشركات والوظائف.
هذا الولادات والنمو السكاني بداية الستينات الميلادية ثم دخول الوظائف في الثمانيات الميلادية سيقابله الخروج الكبير وبأعداد ورواتب عالية من الموظفين والراتب التقاعدي في بداية عام 1440هـ /2020م الذي يتوقع مع عوامل اقتصادية،وظروف دولية ومتغيرات سياسية عالمية، أن يكون هناك اختناقا وضيقا على خزينة مؤسستي التقاعد والتأمينات إذا لم توجد الحلول السريعة.