أحمد بن عبدالرحمن الجبير
نثق كثيرا بتوجهات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله - في قيادة الاقتصاد السعودي، ولعل سلسلة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها، أو كان لمجلس الاقتصاد والتنمية دورا فيها، كانت من الأمور التي طالبنا بها في السابق ونحن في وضع اقتصادي أفضل، ولهذا نهمس في آذان صناع القرار، أن التخطيط للمستقبل هو التوظيف الأمثل للموارد البشرية والمالية والاقتصادية، وتطوير منظومة التشريعات الاقتصادية والرقابية والشفافية.
النجاح الحقيقي يكمن دائما في الحفاظ على التوازن ما بين متطلبات الأمن الاجتماعي ومتطلبات الرشاقة الاقتصادية، ويكمن أيضا في إرادة السياسة الضابطة لهذا الحراك، ويقينا بأن ولي ولي العهد يمتلك من الكاريزما، والقوة ما يجعل الإرادة السياسية حاضرة كما أن رؤيته مبنية على أن التحول الاقتصادي ليس كما يحدث في بعض الدول الفقيرة، يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، وإنما ما يلفت الانتباه بأن التحول الاقتصادي هو شكل من أشكال إعادة التوازن للسوق السعودي.
الخصخصة هي شراكة وطنية، في الخدمة والجودة والتطوير والسرعة أيضا، فلا يعقل أن تسود بعض القطاعات حالة احتكارية، وأيضا بيروقراطية حادة، وخدمات رثة، ولا يعقل أن لا يجد مواطن سعودي لدولة بالغة الثراء سكن له أو سريرا في مستشفى، ولعل المتابع لشبكة التواصل الاجتماعي يكتشف أن هناك تعقيدات في الإدارة والخدمات والاستثمارات، والسؤال لماذا والدولة توفر إمكانات لا تتوافر في ميزانيات دول عظمى.
كما أننا ومنذ زمن بعيد، لازلنا نتحدث عن المستقبل ومتطلباته، والنفط وإمكانية نضوبه، وعدد السكان ونموه، وحالة الاستهلاك التي لا يقابلها إنتاج حقيقي، وتعليم بلا وظائف، واتكالية كبيرة على الدولة، ومسؤولين لم تقدح أفكارهم سوى بإعانات ومسكنات للمواطن، دون الولوج إلى حلول حقيقية، رغم أن المواطن يستطيع الصبر والتوفير إذا ما وجد سياسات جادة، لكنه كان يصحو على الفساد في العطاءات والتنفيذ، وضعف الخدمات، ومشاريع لا تنفذ، وتنتهي مددها ولم ينجز منها إلا 10% دون رقابة أو عقوبة.
هذه الحالة، كانت من بين الأسباب الرئيسة لبرنامج التحول الاقتصادي، ولا نقولها إلا صدقا، إن وجود ولي ولي العهد على رأس المجلس الاقتصادي والتنموي، وعلى هذا البرنامج هو مصدر ثقتنا وتصديقنا وأملنا بأن يؤدي هذا البرنامج ما نصبو إليه لأجل بلدنا ومواطنينا، وأن هذا البرنامج كان من الواجب أن يطبق من 15 عشر عاما، عندما كانت الظروف والأوضاع الاقتصادية أفضل بكثير مما عليه الآن.
إن إطلاق حزمة الإصلاحات الاقتصادية، ووجود مؤشرات لقياس الأداء الحكومي، والرقابة الصارمة على الصرف، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لطرح مبادرات تنموية شاملة من شأنها عدم الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني، ومضاعفة قدراته، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتيسير أعمال القطاع العام والخاص، وتحقيق رضا المواطنين.
كما أننا نضع أمام ولي ولي العهد أبرز معيقات التقدم الاقتصادي والتنموي في بلادنا، وهي المحسوبية والإقصاء، والاستغلال، والتهميش التي تجعل البيئة الاقتصادية طاردة، إضافة للفساد الإداري والمالي الذي يعد من أبرز معيقات العملية الاستثمارية في بلدنا، إضافة إلى البيروقراطية وغياب الرشاقة في اتخاذ القرار.
لقد آن الأوان لرفع هذه الحماية عن البعض مسؤولين وشركات، ولم يعد هناك حماية ودعم من الدولة، وعلى كل مسؤول أو مستثمر إما أن يؤسس أعماله على الجودة والنوعية، وإما أن يخرج من السوق، ولا مانع من أن تكون هناك فترة حضانة للمشروعات الاستثمارية، ولكنها محدودة ومشروطة أيضا، حيث أن الخصخصة ليست كما يرى البعض الحصول على وفرات مالية والتهام مؤسسات الدولة,
لذا يفترض تأسيس مركز متخصص للأبحاث المالية والاقتصادية المستقبلية، والاستثمارات الاستراتيجية يشارك فيه جميع الخبراء والمتخصصين والمعنيين بالاقتصاد الوطني، ويركز على استراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد السعودي، ويهدف إلى تحسين أحوال المجتمع، وتحقيق النمو ومعالجة التضخم ورسم السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للمملكة، وتعزيزه بالكوادر الوطنية الواعية ذات المهارات العلمية المتخصصة في الإدارة والمال والاقتصاد.