د. عبدالرحمن الشلاش
قدر المملكة العربية السعودية أنها دولة دائماً في الطليعة وفي محط أنظار العالم، وهي ليست كدول أخرى غيرها تعيش على الهامش دون أن يكون لها أي تأثير يذكر في السياسية الدولية.. فالسعودية دائماً عضو رئيس في أي حوار حول مستقبل المنطقة وأمنها واستقرارها، لذلك ظلت ومازالت مؤثرة في حالات السلم والحرب، ونتيجة لدورها البارز تحملت الكثير وضحت في كل الأزمنة دعماً لكل قضايا الحق.
عندما أعلنت الميزانية أشارت بعض الأصابع إلى مقدار العجز، وارتفاع أسعار البنزين في سياق خطة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية والإقليمية الراهنة بانخفاض أسعار البترول، لكن تلك العقول لم تثمن صدور الميزانية دون نقص رغم الظروف المحيطة، وما تشهده المنطقة العربية من حروب استنزفت مقدراتها، وأربكت مشروعاتها التنموية. برغم الارتباك ظلت المملكة محتفظة بتوازنها وثبات سياساتها، بل إنها في إعلانها للميزانية كشفت بشفافية عن كافة أرقام وأبواب الميزانية وبنودها، ومقدار العجز وآلية تدبيره ووضعتها أمام مواطنيها والذين بدورهم وجهوا لطمة لكل متربص أو حاقد حاول أن يصور ارتفاع أسعار الوقود بأنه مؤثر على حياة الناس وقد يؤدي لانعكاسات غير إيجابية. المواطن الواعي قلل من آثار تلك الزيادات، بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين أكد أن كل هذا يتلاشى عندما يوضع في الميزان أمام الأمن والأمان والخير الكثير الذي يعم البلاد، وقبل ذلك حرص الدولة الكبير على تحقيق طموحات المواطنين، والمحافظة على بنود الرواتب والمكآفات والبدلات، ورصد المبالغ اللازمة لتنفيذ المشاريع الحيوية.
ظلت ميزانية الخير تصدر سنوياً دون توقف بحمد الله رغم ما مرت به البلاد من ظروف، ولعلنا نتذكر الحرب العراقية الإيرانية وما جرته على المنطقة برمتها من ويلات، وما خلفت من كساد اقتصادي ألقى بظلاله على دول كثيرة وخصوصاً دول الخليج، وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذتها المملكة في ذلك الوقت بإلغاء بعض البنود غير الأساسية إلا أن الميزانية ظلت تصدر سنوياً وبأرقام معقولة تضمن الاستمرار في التنمية إضافة إلى تأمين معيشة الناس دون أن يتأثروا بنتائج الحرب المجنونة الدائرة بين صدام من جهة والفرس من جهة أخرى.
وعندما غزا صدام حسين الكويت في حدث ما زالت غصة ألمه قائمة تحملت السعودية ومن مقدراتها وميزانياتها الكثير ووقفت إلى جانب الأشقاء حتى تم تحرير الكويت الحبيبة وإعادة السلام إلى أراضيها مرة أخرى، وبرغم هذه الأحداث والتضحيات والبذل السعودي إلا أن الاقتصاد السعودي استمر محتفظاً بتوازنه بعد توفيق الله ثم بفضل إجراءات الدولة لتجاوز الأزمة، وهي إجراءات درجت الدولة على تطبيقها عند حدوث أي أزمات طارئة.
اليوم تعصف الأحداث بالمنطقة، والمملكة العربية السعودية القلب النابض في وسط هذه الأحداث يمارس فيها المواطن والمقيم حياته الطبيعية في ظل أمن واستقرار دون أن يشعر أي منهم بأي تأثير لما يحدث حوله.. المبهج أن تفهم الناس كان عالياً لأهداف الإجراءات التي تحاول تجنيب البلاد أي ديون إضافية، وأن الارتفاع الطفيف لن يكون له تأثير بل على العكس سيؤدي للترشيد على المدى الطويل خصوصاً وأنه إجراء لا يلمس المعيشة والاحتياجات الأساسية من أي جانب.