جاسر عبدالعزيز الجاسر
إذا كان عام 2015 الميلادي قد رحل وهو يؤرخ لأهم إنجاز عربي تحقق في المرحلة الراهنة التي تمثلت في إسقاط الغطرسة الفارسية بعد هبوب عاصفة الحزم التي أفهمت الفرس أن العرب وخصوصا أبناء المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية والكويت والبحرين وقطر قادرون على التصدي لكل تجاوزاتهم، وأن لصبر الحكماء حدا لا يمكن تجاوزه.
هذا الإنجاز الذي يأتي في مقدمة ما نتذكره من إيجابيات عام 2015 الميلادي الذي يحل يومه الثاني، إلا إننا أيضاً نتذكر ونحن نترحم على من فقدناهم في ذلك العام المنصرم، ويأتي في مقدمة الراحلين الذي سيظل يترحم عليه ويفتقده ليس السعوديون فحسب بل كل أبناء الأمتين الإسلامية والعربية ونسبة كبيرة من الغربيين والشرقيين بمختلف جنسياتهم ودياناتهم وأعراقهم.
فالراحل الكبير والإنسان الذي فقدناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - كان ملكاً للإنسانية ورؤوفاً بكل من يحتاج إلى مساعدة، لم نفقده نحن السعوديين وحدنا ولا العرب والمسلمين فحسب بل كل من كان يحتاج لمن يضمد جراحه ويهب لمساعدته، فقدنا الملك الرؤوف، الإنسان البسيط الذي كان يتصرف بعفوية وبصدق وأريحية تجعل كل من يلتقي به يشعر بأنه أخ وصديق حميم مواطناً أو مسؤولاً.
أما الإنسان والقامة التي فقدناها كسعوديين وعرب ومسلمين أيضاً فهو الأمير سعود الفيصل رجل الدبلوماسية الأول وعميدها عالمياً، كان جزءاً من المشهد السياسي والدبلوماسي الدولي، يعمل بدأب ومثابرة مدافعاً عن القضايا العادلة لوطنه المملكة العربية السعودية والعرب جميعاً والمسلمين، رجلاً عروبياً يهدف لوحدة الكلمة ولمّ شمل الأمة الإسلامية، ظل لآخر أيامه متحملاً الآلام يعمل دون كلل، خدم وطنه وأمته ودينه وقيادته بكل إخلاص، ولم تفقده المملكة فقط بل فقده العرب والمسلمون جميعاً إذ كان خير من يدافع عن قضاياها.
العام الماضي أيضاً حافل بفقدان رجال قدموا لأوطانهم ولأممهم كل حسب تخصصه الكثير من الخدمات، ومنهم الشيخ راشد بن محمد آل مكتوم نجل الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي. وهذا الشاب الذي فقده والده الذي واجه هذا الجلل بكثير من الجلد وتقبل إرادة الله - وفقده شعب الإمارات العربية المتحدة وحزن عليه الشعب السعودي جميعاً لما عرف عنه من المواقف النبيلة وحبه للسعوديين جميعاً، ولأنه كان متميزاً ودائماً في المقدمة فارساً مغواراً ورياضياً متميزاً دائماً في المقدمة، شاعراً ودوداً يحبه كل من التقاه.
أيضاً فقد السعوديون المذيع الشاب سعود الدوسري الدمث الأخلاق اللطيف والمبتسم الدائم والوفي مع والدته ومع أصدقائه، ورغم قصر عمله كإعلامي ترك بصمة لا يمكن أن تزول في مسيرة الإعلام السعودي.
وللعرب أيضاً نصيب وافر من فقدان الكثير من القمم الفكرية والثقافية والفنية ومنهم إدوارد الخراط، والمفكر والكاتب والأديب المصري جمال الغيطاني، والشاعر المصري الكبير (الخال) عبدالرحمن الأبنودي، ومن الفنانين نور الشريف وعمر الشريف وفاتن حمامة والممثل الفلسطيني غسان مطر.
رحل عام 2015م بكل أفراحه وأتراحه ولا نملك إلا أن نترحم على من رحل عنا وندعو له بأن يغفر الله له ويدخله فسيح جناته.