عبدالله الغذامي
في أبريل 1945 تولى هاري ترومان رئاسة أمريكا،وكانت القنبلة النووية حينها في أول جاهزيتها لتكون سلاحا عسكريا فتاكا يحسم ساحات الحرب، وهذا ما طرح التساؤل عن أخلاقيات استعمال سلاح فتاك يحمل طاقة تدميرية عالية تتجاوز الهدف العسكري، وتعم لتشمل بيئة المكان وسكانه وظرفه الإنساني والجغرافي، وهذا ما حدا بهاري ترومان بأن يطلق تصريحات يؤكد فيها على أخلاقيات الإنسان الأمريكي ورسالته الحضارية وأنه لن يحدث أبدا أن تقتل أمريكا النساء والأطفال أو تستخدم القنبلة النووية في غير هدف عسكري عدواني من أجل منع الاعتداء وليس للتعدي.
لم تمض أربعة أشهر على تصريحاته تلك حتى أمر هو بنفسه بإلقاء قنبلتين على هيروشيما وناجازاكي (أغسطس 1945) وحصل الدمار الذي لم يحدث له مثيل قط في تاريخ البشرية.
هنا سترى نفسك أمام رمزية هذه الاسم (ترومان - Truman) وهي حرفيا تعني في الإنجليزية (الرجل الحقيقي) أو رجل الحقيقة، وهذا يلخص المعنى السياسي المخاتل في تعامل القوى العظمي مع غيرها، حيث تصدح بمعاني القيم الإنسانية وتمارس في الوقت ذاته أشرس الأفاعيل، ومشكلة أمريكا أنها بلغت من الغطرسة حدّا تتصرف فيه كما تشاء وتقول ما تشاء، في حين أنها لا تجد رادعا يردعها، ولا يجرؤ أحد على محاسبتها في حين تتم محاسبة غيرها، وتتعرض كل الدول للمعاقبة والمقاطعة والضغط، دون استثناء إلا أمريكا، تلك التي بلغ بها التوحش أن تتجسس على حلفائها مثلما تتجسس على أعدائها ولا تستحي من تكشف العمل ولا تحاسب عليه، هنا الرجل الحقيقي بالمفهوم الأمريكي وتناقضاته الفاضحة.