محمد جبر الحربي
1.
جاءَ الحزنُ الصافي كالنبلِ وحلّ الليْلْ.
قومي يا حُلوة
إنّي قمتُ، وأشعلتُ القهوةَ، هذي المُرّة
والقهوةُ حاليةٌ، رغم مرارةِ أيامي
تشرقُ مثل جبينكِ هذا العالي،
يا موّالي
لا ينقصُها غيرُ يديكِ، ونهرُ الهيْل.
2.
حبّتان من القلبِ للذّاكرةْ.
لقدْ دمّروا كلّ شيءٍ نبيلٍ جميلْ.
سيأتيكمُ السيلْ..
قوموا وكونوا أناساً لتكتملَ الدائرةْ.
فلسطينُ أمُّ البلادْ..
وكلّ الجهاتْ..
فما بالُ أعينكم حائرَةْ؟!
3.
قالتْ عاليةٌ من شجرٍ في ضَجرٍ
أحبيبَ القلبِ محمّدْ.
كانتْ ترفغُ أغصان الفتنةِ عن عينيها
مدركةً سرّ أنوثتِها:
روحي متعبَةٌ
قلتُ لها:
هاتي جرحكِ
هاتي القلبَ،
إذا ما اجتمعَ القلبانِ
يفيضُ النهرْ
يغسلُ ما كان من الليلْ..
تأتي الطيرُ تغنّي ما اخترتِ
ستزهو كلّ زهورِ الأرضِ الجالسةِ إليكِ
وتُسعِدُ عينيكِ، وتَسْعَدْ.
حدّثني الهدهدُ..
أنّ النسوةَ من طير اللهِ أتيْنْ
أنّ الأشجارَ ستأتي بعد قليلْ
لملمتُ الأوراقَ وطرْتُ لوحدي
قلبي لا يحتاجُ إليهنّ دليلْ.
4.
جاءتْ كالطيفِ أمامي أمّي
فاشتعلتْ روحي تبحثُ عمّنْ يغسِلُ همّي.
مرّتْ حنطيةُ حقلٍ
وأنا حنطيٌّ
والقمحُ شقيقي الأكبرُ في اليتمِ يغنّي فأغنّي
سبحان إلهٍ عوضني
لا أعرف من أين أتاني الصوتُ
فغنيتُ كما طفلٍ للمرأةِ ذاتِ الحنطةِ:
يا أمّي.
5.
هذا جمالكِ قرب سقفي.
والماء قربي
كلّ أنهارِ الجمالِ بفيضِ كَفّي.
لكنني الظمآنُ بي عطشُ الصحاري
هنّ جوعي
ما نهلتُ
وقلتُ كُفّي.
النبلُ يا وطني العظيمُ لأنني
ما قلتُ لا..
بلْ قلتُ يكفي.
6.
الفجرُ مساحةُ عمرٍ لا يسكنُها إلا المتأملُ والعابدْ
لا يقتربُ إلى ضفة نهرٍ نحن اخترناهُ سوانا
ما أحلانا
لا يُسكنُ بين الأشجار مع الطيرِ سفينتَهُ الحاسدْ.
الفجرُ أيا من تنسى
وتنام كطفلةِ مهدٍ
يا لؤلؤةً يخفيها البحرُ
ويعرفها الغافلُ في التيهِ
ويعلمُ سرّ مقاصدها القاصدْ.
أخفيتكِ أم أظهرتكِ
هذا سرّي
لكني في كلّ الأحوال اخترتُ الفجرَ كعينيك الناعستينِ لبوحي
ذا ما أبطنُ
هذا ما يظهرُ منّي
حين الملأ أمامي
فورة نورٍ رغم ظلام القهرِ
ولا يعنيني غيركِ يا وطني
أقسمُ واللهْ
ثم أردّدُ مخطوفاً: اللهْ اللهْ
اللهُ أيا طفلة أحلامي
يا مطري
يا شِعري
إذْ أُغمضُ عينيَّ
ويا وطني الشاهدْ.