جاسر عبدالعزيز الجاسر
وكأنه مهرجان مفتوح يتخلله مزاد يسعى لكسبه من ينتهز الفرصة للتقدم كوسيط مقبول، إذ تداعت بعض الدول للقيام بوساطة بين المملكة العربية السعودية، ونظام ملالي إيران.
1- في البداية من يتطوع للقيام بالوساطة يفترض أن يمتلك الإرادة السياسية الحرة، وأن يكون سيد قراره، لا أن يتلقى التعليمات من خارج بلاده.
2- ألاَّ يكون طرفاً في القضية المثارة، والتي تسببت في المسألة، مسألة قطع جميع العلاقات والتعاملات مع نظام إرهابي امتهن التدخل في شؤون الدول المجاورة، ويسعى لمدِّ نفوذه، وتحقيق أطماعه.
3- أن تكون الدولة التي تعرض نفسها للقيام بدور الوساطة، لديها المقومات التي يتطلبها عمل ومسؤوليات الوساطة، كالقدرة على التأثير، وضمان تحقيق ما يتفق عليه.
وعلى ضوء هذه الشروط التي يجب أن تمتلكها الدول التي عرضت، أو حتى لوَّحت باستعدادها للتوسط بين الرياض وطهران، نرى افتقاد الكثير من هذه الدول لتلك المقومات جميعها، أو إحداها؛ فالدول التي تدور في فلك النفوذ الإيراني، والتي لا تمتلك الإرادة السياسية الحرة، وألا تكون لمن يشارك في العملية السياسية الدائرة في بلدها، وتعلم أنها غير قادرة على ضمان تنفيذ ما يتم الالتزام به، فعليها أن تُجنِب أجهزتها السيادية والتنفيذية.
ثم إن أسباب اتخاذ المملكة العربية السعودية قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، ووقف أيّ تعامل مع نظام إيران الإرهابي، معروفة ومعلنة، والكل يعرفها، وسبق وما يزال يكتوي بها، فهل تستطيع هذه الدول إلزام النظام الإيراني بوقف تدخلاته الشائنة في شؤون الدول الداخلية، وعدم إرسال المخربين الإرهابيين إلى تلك البلدان، وتجنيد الإرهابيين للعمل ضد أوطانهم، وهذه الدول نفسها التي تعرض الوساطة تعاني من هذه التجاوزات؟!.
بالنسبة لنا كسعوديين جميعاً، نعتبر أن التهديدات الإيرانية وتدخلات نظامها الإرهابي إضرار لكل المسلمين والعرب، وأن ما نقوم به هو دفاع عنهم، ومن واجبنا أن نحصِّن بلادنا، ولهذا فإن التحيز من قبل قوم، ودول فقدوا الإرادة السياسية، والغيرة العربية، ومع هذا يطرحون القيام بوساطة في مسألة لا تقبل الوقوف في صفِّ الحياد؛ فالقضايا العادلة لا تقبل أن تكون محايداً في قضية تهمُّ الجميع، ولا تنحصر أضرارها على المملكة العربية السعودية، أو دول الخليج العربية، فكيف نقبل بدولة من هذه المنطقة أن تعرض الوساطة، وهي نفسها لم تحصِّن نفسها من اختراقات النظام الإيراني الإرهابي، ولها أذرعتها الإرهابية التي صدرت عنها إساءات وتهديدات للمملكة.
قد يكون لروسيا مقومات دولة كوسيط، مع إسقاط كل إمكانات الدول العربية والخليجية، بالذات التي كنّا نتوقع ممن تخلفوا حتى الآن عن ركب المملكة التي تدافع عنهم، مثلما تدافع عن أرضها، ووطنها، ومواطنيها، أما أن تعلِّق ضعفها وتلكؤها بعرض الوساطة، فهذا أمر مرفوض سعودياً مهما تدثر متطوعو الوساطات؛ فالذي يرتكب جرماً يجب أن يعاقب لا أن يبحث له عن مخرج يجنبه العقوبة.