د. خيرية السقاف
تُعلمنا الأجهزةُ الصغيرةُ في أيدينا كيف تمحو عوالق ما تمرُّ به،
أو ما نمرِّرُها به..!!
ألا تعلمنا كيف نحميها مما يتطفل عليها..!
مما يثقل عليها فتتعثر ..!
مما يُوهِن عزمَها فلا تتيسر ..!؟
بلى تعلمنا ..
والمبتكر لها هذه الأجهزة « الشيطانية» فائقة الصنعة لابد قد اكتشف هذا بالتجربة في تأمل طويل لمجريات الحياة، والإنسان دقيقَها، وكثيرَها،..!!
ولربما تفكَّر في جعلها شبيهة بالحياة،
وربما شبيهة بطبيعة الإنسان ذاته..!!
إذ، ألا يسعى المرء للتطهر مما علق به من وعثاء العيش،
ومدى التفاعل، وبقايا الدروب، ومواقف البشر؟!
ألا تُعثِّره الأحزان، وتُغيِّره المواقف، وتُعبِّـئْه التجارب،
وتُثقِـل عليه العوالق ..؟!
ألا تمرض نفسه فتعطِّله عن المضي ..؟!
وتُربكه المستحدثاتُ على حين غرةٍ فتؤخِّره عن الانسياب،!!
وتتكالب عليه المُثقلات فتشلُّ قدراتِه، وتُوهن قواه..؟!
إنّ أجهزتنا شبيهة مصغرة لنا ،
قد ننبهر بطاقاتها، وإمكاناتها، ونعجب من قدرات صانعيها،
ونفغر أفواهنا دهشة بمنجزاتهم..!!
لكن ما يميزهم أنهم أكثر ذكاء، ويقظة منا
فقط أكثر تفهماً للحياة، ولأنفسهم ..،!!
ذلك لأنهم لم يفعلوا أكثر من التفكُّر الخلاّق فيهم أنفسهم، وفينا نماذج تتحرك على مشهد من عيونهم الداخلية المكنونة حساً، وبصيرة، وعزيمة..!
وتلك وحدها الفروق بين من يعيش سادراً في تيهه،
ومن يعيش متفكراً فاعلاً بوقيده..!!
و .. {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}..
ذلك المصنع الرباني الذي يُصدِّر لنا خامات الابتكار،
وأفكار الإنجاز.
لم يُلفِتْ إليه الخالقُ تعالى بعضاً من خلقه،
بل دلَّنا عليه جميعنا بخطابه الجمعي في آيته العظيمة،
لكننا لا نتعلم ..!