أحمد الناصر الأحمد
كثيراً ما أتوقف عند هذا النص الخارج عن نطاق المألوف الفني في زمنه والمتجاوز على الكثير من السائد والمتعارف عليه من القصيد في حينه.. في هذه القصيدة للشيخ الفارس تركي بن حميد صور لم يألفها مجايلوه وأفكار متجاوزة لم يعهدها معاصروه.. والقصيدة رغم بساطتها التي تغري الكثيرين بسبر أغوارها وفهم كنهها، إلا أن فيها الكثير من الرمز والبعيد من الخيال، وقد تكون مرحلة متقدمة من التجديد في الشعر الشعبي.
البعير أو الجمل هنا نوع غريب وعجيب.. مزيج من الواقع والخيال.. يعدو ويطير يأتي بالعجائب! والشاعر هنا يوجه قصيدته لصديقه محمد بن هادي وهو شيخ وشاعر يثمن جزل القول ويزن الأفكار بميزان الفهم والحكمة.. وقد تعامل بن هادي مع قصيدة تركي بن حميد بكل جدية وأولاها اهتماماً كبيراً تقديراً للقصيدة وقائلها.
يقول تركي واصفاً الجمل المُتخيل:
يا راكب اللي ما يداني الصفيري
هميلع من نقوة الهجن سرساح
أمه نعامة واضربوها بعيري
جا مشبهاني على خف وجناح
عليه خرج من سلوك الحريري
وسفايفه مثل الغرابين طفاح
يسرح من الطايف ويمسي البصيري
والسوق والبصرة دهجهن بمرواح
مزهبك يا راعيه تمر ومضيري
واحذر تشب النار يجفل من الضاح
واليا ورد يشرب ثمانين بيري
غرافهن تسعين ودليهن ماح
رجليه بالحرة وصدره يسيري
ويشرب براسه من على جمه رماح
ياويش هو شي طويل قصيري
يسبق زعاجيل الهوا يوم تنداح
وقد تعامل الشيخ محمد بن هادي مع القصيدة السابقة بجدية، فرد عليها بأسلوب شعري نادر فيه نوع من التحدي:
يا تركي بن حميد وش ذا البعيري؟
ما تجلبونه كان تبغون الأرباح
لا عاد له خف وجناح يطيري
أنا أذكر الله راكبه كيف ما طاح
كيف النعامة نوخت للبعيري
أقول ذا كذب على الناس فضاح