إبراهيم بن سعد الماجد
لا شك أن التحالف الذي أُنجز خلال زيارة الرئيس التركي للمملكة العربية السعودية بين الشقيقتين المملكة وتركيا يُعَدُّ من إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المهمة والإستراتيجية.
المملكة العربية السعودية حامية الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين, مستهدفة بشكل كبير من قوى مختلفة يأتي على رأسها الدولة الفارسية التي لم يعُد استهدافها لأهل السنة بالأمر الخفي, بل صارت تجاهر به في المحافل الدولية, فما يحدث في سوريا من دعم مباشر لبشار الأسد الذي أباد شعبه لم يعد بالأمر الخفي, بل إن ملالي إيران يعلنون ذلك بكل صراحة, وكل يوم ينعون هالك من ضباطهم في ميدان معارك سوريا, كما أن وضعهم في العراق أكثر بجاحة وتوغلاً, كذلك مليشياتهم في لبنان التي تعمل منذ عقود في هذا البلد الوديع حتى حولته إلى بلد مضطرب.
وفي المقابل يعيش العالم العربي حالة من الانقسام بل التفتت, والأدهى والأمر يعيش أوضاعاً داخلية سيئة, ولعل الوضع المصري الداخلي من أصعب أوضاع الدول العربية, ومصر كما نعلم لها أهميتها وثقلها, ولكن عدم استقرارها سبب فراغاً يجب أن يُسد.
عالم عربي سني متفتت, ودولة كبرى حامية للحرمين الشريفين تقف مدافعة عن هوية الأمة بأسرها التي تكاد تختفي تحت العمائم الصفوية!! هذا الوضع شعُر به سلمان بن عبد العزيز ملك الحزم والعزم فما كان منه إلا التحرك على محور آخر, فكان الأقوى والأقرب والأهم هم الأشقاء الأتراك, ولا أنسى مُشاركته - حفظه الله - في قمة دول العشرين في أنطاليا بتركيا والحفاوة التي قُوبل بها من قبل الرئيس التركي والحكومة التركية, بل وعلى المستوى الأقل نحن الوفد المرفق كان احتفاء الأخوة الأتراك بنا كبيراً ومميزاً.
عالم عربي ضعيف ودولة مسؤولة عن هوية الأمة وهي المملكة العربية السعودية, ودولة سنية قوية ومؤثرة هي الجمهورية التركية, خيار مهم لصد هذه الهجمة الصفوية, وهذه الغطرسة الروسية والتراجع الأمريكي.
ما حصل من اتفاق شيء جميل, لكن ما نتمناه أن يكون عمل هذا المجلس على أكثر من محور, وأن تتفاعل معه دول مجلس التعاون الخليجي تفاعلاً يحقق ما يصبو إليه خادم الحرمين الشريفين, وأن تترك بعض دولنا الخليجية خروجها عن الصف, وتحسسها من تركيا بسبب العلاقات التركية المصرية التي هي في حالة مرضية نسأل الله لها الشفاء, ولتعلم دول مجلس التعاون الخليجي أن المملكة العربية السعودية في أغلب اتفاقياته ومعاهداتها أنما تعمل من أجل أمن ورخاء واستقرار جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
للمملكة تجارب غير جميلة مع بعض الأشقاء العرب الذين لم يكونوا على قدر المسؤولية في أوقات معينة, ولذا لن يكون حالهم بأحسن مما مضى وهم الآن في أوضاع في أحسن وصف ممكن أن يقال أنهم مرتبكون.
مجلس تنسيق إستراتيجي نأمل منه أن يحقق لمنطقتنا المزيد من الأمن والاستقرار, والنمو الذي يليق بها, فالمملكة العربية السعودية ليست دولة عابرة, بل هي دولة أمة لها تاريخها الممتد العريق, ولذا فإن ما يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من جولات ولقاءات وتحالفات إنما يقوم بها نيابة عن كل الأمة العربية والإسلامية, وقد صرح بذلك أكثر من زعيم عربي ومسلم.
تركيا شقيقة كبرى سنية المذهب شراكتها معنا تعني الشيء الكثير للمنطقة, هي لا شك في حاجة للمملكة لمواصلة نموها واستقرارها, ولذلك فإن هذا المجلس مهم جداً للدولتين حاضراً ومستقبلاً.