مهدي العبار العنزي
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورة ذلك المشؤوم المجرم المحروم، الذي قتل أمه بحجة أنها حاولت ثنيه عن الجهاد المزعوم. إنها جريمة نكراء، وعملية شنعاء.
نسي ذلك الحضن الدافئ، والقلب الصافي.. مارس أبشع أنواع التنكر بدون عقل يفكر.
... أطلق النار على أمه مستهتراً بكل قيم الأمة. إنها جريمة العصر. قتل أمه معتقداً أن في ذلك النصر. عمل مشين، لم يفعله إلا الظالمون. استباح حرمة دم مَنْ حملته، وأرضعته، وحفظته، وكانت تتمنى أن يصبح رجلاً ليخدمها، لا من الحياة يحرمها. كانت تسهر من أجل معاشه، وكان الجزاء طلقات من رشاشه.
يقشعر البدن من فعلته، ولن ينسى العقل جريمته.. هل هذا هو الاعتقاد؟ وهل هذا هو الوداد؟ وهل هذا هو السداد؟ ومتى أصبح قتل الأم جهاداً؟
يا أتباع الشيطان، لقد نسيتم كل ما ذُكر في القرآن من البر والإحسان، وتجاهلتم أحاديث سيد المرسلين، وتلك الوصايا من أجل الوالدين. ألا يا أيها المجرمون، ألم تتعظوا حتى بفرعون، الذي كان باراً بأمه رغم أنه يمارس الطغيان والجنون؟ آه يا زمن! هل أصبحت تضرب موعداً مع الفتن؟ وهل أصبح قتل الأبرياء هو الثمن؟
وإلا لماذا يقدم شاب عربي سوري يدعي الإسلام على هذه الفعلة لمجرد أن والدته عندما شاهدته ممسكاً بسلاحه مرتدياً بدلة الحقد والضغينة انهمرت الدموع من عينيها، وقالت له «يا بني لا تتركني وحيدة. أنا ما لي إلا الله ثم أنت». وكأني بها تذكره بما قاله نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - لشاب جاء يطلب منه السماح بالجهاد، ولم يسمح له بمرافقة الجيش الذي كان يجاهد لإعلاء كلمة الله، وليس من أجل القتل والترويع وانتهاك الحرمات ونهب الممتلكات، فأمره سيدنا محمد بأن يخدم والديه، وهذا هو الجهاد! فهل يتعظ شباب الأمة بكل ما ورد بكتاب الله وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يمارسوا الفضيلة بدلاً من الرذيلة، خاصة أن هناك مَن يقتلون أمهاتهم وآباءهم، ليس بالسلاح بل من خلال عصيانهم لهم، وممارسة العقوق والانحدار الأخلاقي والأعمال المسيئة للدين والأعراف. فهل يرضى أحد منكم أن يكون كذلك؟