د. عبدالواحد الحميد
الدكتــور عبدالرحمـــن الأنصاري، عالِمُ الآثار المعروف، نارٌ على عَلَم، وقد تخطت شهرته الوسط الأكاديمي والثقافي السعودي بسبب أبحاثه ومؤلفاته واكتشافاته في حقل الآثار وصار اسمًا معروفًا في الأوساط الأكاديمية العربية والعالمية. وقد كان من المفرح أن يُطلق سمو الأمير سلطان بن سلمان الرئيس العام لهيئة السياحة والتراث الوطني جائزة باسم الدكتور عبدالرحمن الأنصاري، كما كانت لفتة الأمير بالغة الحنو ومفعمة بالمعاني الإنسانية عندما أطلقها من منزل الدكتور الأنصاري الذي يمر في الوقت الحاضر ببعض الظروف الصحية.
وبكل تأكيد فإن الدكتور الأنصاري يستحق هذا التقدير، فهو أهلٌ له بما أنجزه من الأبحاث والدراسات وذلك على مدى سنوات طويلة منذ أن حصل على درجة الدكتوراه من قسم الدراسات الساميَّة بجامعة ليدز في إنجلترا عام 1966م.
وقد أشرف الدكتور الأنصاري على تأسيس فرع الآثار في قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الملك سعود، وأسس بعد ذلك قسم الآثار والمتاحف في الكلية، وتخرج على يديه عدد كبير من الطلاب المتخصصين في الآثار، وبعضهم أصبح الآن من علماء الآثار المعروفين. وكان الأنصاري أول رئيس للجمعية السعودية للدراسات الأثرية، كما كان خبيرًا لدى العديد من الهيئات والجمعيات السعودية والعربية والدولية المتخصصة في الآثار، ورأس مجلات علمية محكمة متخصصة في الآثار، وهو في الوقت الحاضر رئيس تحرير مجلة «أدوماتو» العلمية المحكمة المتخصصة في آثار الوطن العربي التي تصدر من مركز عبدالرحمن السديري الثقافي باللغة العربية والإنجليزية وتحظى بانتشار واسع في الأوساط الآثارية محليًا وخارجيًا.
ولعل أحد الإسهامات البارزة للدكتور الأنصاري ما أنجزه أثناء رئاسته لفريق التنقيبات الأثرية لمنطقة الفاو في المملكة وما حققه الفريق من اكتشافات ودراسات، وقد كان الدكتور الأنصاري هو المشرف العلمي لنشر نتائج التنقيبات في منطقة الفاو، ومعلوم أن تنقيبات الفاو كشفت عن مخزون هائل من الإرث الحضاري للجزيرة العربية قبل الإسلام.
أما مؤلفات ودراسات الدكتور الأنصاري فقد بلغت عشرات الكتب وأضعافها من الدراسات، وقد استحق بسببها العديد من الجوائز والأوسمة والدروع. وكان قد تم تكريم الدكتور الأنصاري في شهر نوفمبر 2012 من قبل مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالجوف أثناء إقامة منتدى آثاري بعنوان «آثار المملكة: إنقاذ ما يمكن إنقاذه» وذلك بمشاركة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وأساتذة جامعيين متخصصين في الآثار من داخل المملكة وخارجها.
إن الدكتور عبدالرحمن الأنصاري رمزٌ ثقافي، وهو من جيل المؤسسين الرواد، فشكرًا لسمو الأمير سلطان بن سلمان وللهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على إطلاق جائزة باسمه. ولنا وطيد الأمل أن يلقى جميع رجالات ونساء جيل الرواد في مختلف المجالات، سواء من كان منهم على قيد الحياة أو ممن توفاهم الله، التكريم والتوقير.