رقية الهويريني
لا شك أن تراجع أسعار البترول تثير القلق لدى المهتمين بشؤون الاقتصاد في بلادنا ممن يدركون تأثيرها السلبي على الدخل القومي؛ برغم أن وزير النفط يردد دوماً «هل رأيتموني قلقاً قط على أسعار البترول؟!» رداً على أسئلة الصحفيين التي تحمل الهلع!
والحق أن الهبوط الذي تشهده أسواق النفط تسبب بالنكسة الاقتصادية لبعض الدول التي تتكلف مبالغ طائلة لاستخراجه، وبحمد الله نحن لا زلنا بمنأى عن ذلك، ولكن الوضع يتطلب الاحتياطات اللازمة ومن أهمها تنويع مصادر الدخل، بل لعلنا ننظر بإيجابية حول انخفاض أسعار النفط المؤقت باعتبار هذا الانخفاض يمثل جرس الإنذار، وسيساهم بلا ريب في تحديث اقتصادنا وتنويع مصادره وإعادة هيكلته من خلال خصخصة بعض القطاعات الحكومية الضخمة التي قد تشكل عبئاً على الدولة أو تعاني من الترهل وهي بحاجة لإعادة التخطيط أو تنشيط كفاءة إدارتها.
وتعد الخصخصة واحدة من الأدوات التي تلجأ إليها الحكومات في بناء الخطط الاقتصادية الناجحة التي ترمي إلى مواجهة تراجع الإيرادات النفطية وتنويع الاقتصاد، بهدف ترشيد الإنفاق والمحافظة على موارد الدولة. ومعروف أن تحويل بعض القطاعات الحكومية إلى القطاع الخاص يساهم بالتخلص من الأعباء المالية الضخمة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين عند تخصيص أحد القطاعات، في ظل ما يواجهه القطاع الحكومي من عوائق مالية وسياسية وإدارية وتنظيمية.
وما انفك صندوق النقد الدولي يبذل نصائحه للمملكة بضرورة تنويع مصادر الدخل، لذا قامت الحكومة بالخصخصة الجزئية للقطاع الحكومي كقطاعات الكهرباء والاتصالات والماء والتموين والخدمات الأرضية في الخطوط الجوية السعودية، ونتطلع لتخصيص بعض القطاعات الحكومية الأخرى كالصحة والتعليم والنقل والرياضة سعياً لارتفاع كفاءة الإدارة والتشغيل، كما أن التعاون بين القطاعين العام والخاص سيدفع للاستفادة من إمكانيات القطاع الخاص وخبراته البشرية والمالية والإدارية والتنظيمية.
وينبغي التروي والتدرج عند تخصيص القطاعات الحكومية، وذلك بإجراء الدراسات والبحوث اللازمة لجميع القطاعات المستهدفة منعاً من وقوع خلل قد ينسب للتخصيص وهو بالواقع سوء في الإجراءات المتبعة عند تقديم الخدمات، أو رداءة في تأهيل الكوادر البشرية نظراً للسرعة والاعتماد على الكم على حساب الكيف.
يبدو أن بلدنا يتجه للتحول الاقتصادي بتؤدة وتأن وهو ما سيحقق رؤية القيادة بالتحول الوطني مما سيجعل المملكة أكثر أمناً واستقراراً و...حضارة!