عبدالله بن محمد الشهيل
كفانا الله شرور الفتن التي لم نشعر بتوقعها إلا بعد ما استولى الملالي على السلطة في إيران ببدعة سموها «ولاية الفقيه»، بواسطتها استدعوا ضغائن الماضي وعداواته.. وعصبياته وصراعاته.. وحروبه وفتنه، بمظهر يُخفي مخزوناً مجوسياً.. وقومية عرقية.. ومخططات شعوبية أهدافها كسروية، تمضي
في مراحل وتبدو على غير حقيقتها في أسلوب مُضلل اتُخذ وسيلة لإبعاد الشبهات عن الغاية.
ومن هذه الأهداف الثأر من العرب، الذين بالإسلام أبدلوا بالإيمان ما كان سائداً.. فدعوا للدين الجديد بالحسنى.. ورفعوا الظلم عن المظلومين.. وعدلوا وسامحوا.. وإن ساواهم بخدمة الإسلام.. وصنع حضارة إنسانية كبرى.. وبروز أعلام أغنى علمهم وفكرهم كل من تلاهم في كل مكان، مسلمون من كافة الأجناس.. ومنهم فرس.. وأيضاً من غير المسلمين.. وإن تساوى الجميع بما تقدم.. فللعرب فضل سبقهم في الإسلام ونشره.. وهم مادته وأصله.. وبظل الحكم العربي توفرت أنسب المناخات تشجيعاً ودعماً وتقديراً.. ولكنها الشعوبية التي أحياها نظام ولاية الفقيه الإيراني بصيغة جديدة تخندقت خلفه المقاومة بفلسطين.. وجنوب لبنان التي مذهبها هذا النظام.. وتسبب بتباعد اللبنانيين.. ونزاعاتهم التي عطلت فعاليات لبنان الدستورية والسياسية والاقتصادية.
وفي العراق نجح هذا النظام بتقسيمه على أسس إثنية وطائفية ومذهبية.. وقد واتته هذه الفرصة على إثر الاحتلال الأمريكي الذي مكّن الأحزاب المتشددة من الحكم، الذين -بدورهم- مكنوا هذا النظام من إحكام قبضتهم على القطر العربي الشقيق.
لقد تمكن من استقطاب كثير من ضعاف النفوس.. والمغرر بهم.. فصار له في بعض البلاد العربية أعوان وصنائع يأتمرون بأمره.. وينفذون ما يكلفهم به من جميع الطوائف والمذاهب.. وبينهم سياسيون ومثقفون وإعلاميون.. وبعضهم معروفون للأسف الشديد إما بدافع مذهبي أو أُغروا أو عن جهل بالمقاصد المخفية.. لأن الظاهر للتضليل.. ومن المقاصد المخفية القضاء على العروبة التي بمرجعيتها للحضارة العربية الإسلامية صدت أعتى التحديات، وقاومت التفرقة والتمييز، وامتازت بالتسامح، وناءت عن الشوفينية والعبثية والعدمية.. فوسِعت بذلك كل الإثنيات والطوائف والمذاهب.. وقد رحبت بما ضاق به غيرها.
إنه نظام باطنه أهم وأفعل من ظاهره.. وأقواله تخالف أفعاله.. وقد احتل واضطهد على أُسس عرقية ومذهبية.. وأمعن بالتفريس.. وادعى واغتصب.. ووعد وأخلف.. وانتهك الحقوق.. ونقض العهود.. واشتهر بعدم احترامه للاتفاقات والمواثيق على مختلف المستويات.. فبات لا يؤمن جانبه.
نظام كهذا يتعامل بكهنوتيةٍ مذهبيةٍ متشددة، ويعمل لإحضار قومية متعصبة.. ويحلم بخيال (الفردوسي) في (الشهنامة).. لا ينتظر منه غير التوتير والتفريق والتعدي بواسطة أدواته وإشاعة الفوضى.. وتصدير الأزمات.. والتخطيط لإثارة الفتن وتظليم الحياة في المنطقة العربية.
إن نظاماً كهذا مسعور يفتقر للقيم، ويؤجج المشاعر، مدمن على التحريض وديدنه حياكة المؤامرات، وإلباس الباطل لبوس الحق، والتلون والكيل بعدة مكاييل.. والتدخل بشؤون الدول الداخلية.. ومناصرة الغوغائيين.. ودعم المخربين.. لا يستغرب أن تصدر عنه حماقات ويجند مدافعين عن تعدياته وانحرافاته.. ومواقفه العدائية.
فالشيعة إخوة الإسلام في كل مكان، ومنهم شركاء لنا بالوطن والوطنية، وإن ضلت قلة، فالأكثرية تبرأت منها، غير أن الداء الخبيث الذي يجب التخلص منه هو نظام الملالي الذي تمثل النظام الصفوي.. ولكن بأسلوب مختلف يتناسب مع المتغيرات.. وخطورته قد تزيد لأنه لا يقتصر على إيران بل يمتد إلى غيرها، وبخاصة البلاد العربية الذين أعوانه فيها غضوا الطرف عن عرب الأحواز الذي قتل هذا النظام أعداداً كثيرة منهم ولم يكف عن قمعهم.. وحظر ثقافتهم وحرمهم من المناصب.. وغيرهم من غير الفرس.. وحتى الفرس من السنة شملهم الاضطهاد.. علماً بأن العرب الأحوازيين معظمهم شيعة كانوا، ولكنهم نتيجة ما يفعله هذا النظام غير كثير منهم المذهب الشيعي بمذهب أهل السنة والجماعة.
كان النظام الصفوي ديموغوجياًَ.. اغتصب السلطة بالدم والشوي، وقرن الغلو المذهبي بالفرسنة، وقد أمعن بالتصفيات وارتكاب المجازر وأبشع الجرائم.. وبالإرهاب والتعذيب والتنكيل والتجويع والتهديد والمصادرات زرع الخوف والرعب.. وأجبر الإيرانيين على التحول من حال إلى حال.
ووريثه الحالي لا يختلف عنه إلا بأن هدفه الأسمى إتمام ما بدأه سلفه خارج الحدود الإيرانية بالثأر من القادسية في أحفاد بطلها (سعد بن أبي وقاص) ومن صلاح الدين مغلف بالرد.. وباطنه السم المدسوس بالعسل.. وبمظهرية تتحين الانقضاض.. وهذا ما يجب أن يعيه كل العرب.. وليس بعضهم.