علي عبدالله المفضي
يمر بنا من نجوم الأدب والفن والرياضة من يسلب ألباب الجماهير ويفقدهم السيطرة على أنفسهم فينقادون وراءه كالمخدرين ومثل هؤلاء لو دققت جيداً فيما يتمتعون به من ابتكار وإبداع لوجدت أن فيهم من ليسوا على درجة عالية من عمق الفكر والتفرّد في الطرح وقوة الإنتاج ولكنك قد تجهل ما يجعل الجمهور يتعلّق بهم إلى درجة الهيام أحياناً ليتحول كل تصرف أو قول إلى قاعدة لا تقبل الجدل.
وحتى لا نبتعد كثيراً؛ فلنأخذ الشعراء كمثال على ما سبق حيث نرى أن فلاناً في مقياس النقد وميزان الأدب أقل من تصنيفه كمبدع خارق تبعث قصائده الدهشة والإبهار في العقول التي تزن الشعر بعلم وحيادية ونزاهة ولكنه رغم مستواه الفني الأقل من غيره من المبدعين الحقيقيين يحظى بجماهيرية طاغية مقابل جماهيرية مبدع حقيقي مذهل لديه من العمق والإبداع ما يزن بيت واحد جميع ما كتبه سابقه ولكن جماهيريته لا تعادل إبداعه ولا شك أن للجاذبية الشخصية أو (الكاريزما) دور مهم في ذلك.
وقد ينحسر الجمهور عن نجمه في حال اكتشف عن قناعة أنه كان يستخدم جملة أو طريقة جديدة أو طرحاً مختلفاً عن السائد، وقد يفقد مع تكراره لنفسه وعدم القدرة على التجدد والابتكار جماهيريته ويبتعد عنه الجمهور لصاحب صرعة جديدة، ويظل البقاء الدائم للمبدع الحقيقي وتبقى منزلته العالية من الإبداع التي لا يقبل التخلّي عنها في سبيل جمهور قد يتراجع ويبتعد بمجرد أن يسمع صوتاً يحمل ما يختلف عمّا تعوّد سمعه.