د.عبدالعزيز الجار الله
أصبح من الضروري لإنجاح المشروعات والخطط أن تتم المراجعات الدورية والسنوية والمرحلية، وهذا لا يعني المحاسبية، وإن كانت المحاسبية مطلوبة في جميع المراحل، كما أنه لا يعني محاكمة المرحلة أو نبش الأوراق لكنها في حدها الأدنى إعادة قراءة للمرحلة من أجل استكمال ما تبقى والتقويم والفرز والمعالجة.
مرت المملكة بمرحلتين اقتصاديتين هما الدورة الاقتصادية الأولى والثانية، وبالواقع هما مراحل سياسية واجتماعية وعمرانية وتعليمية وثقافية ولم تكن اقتصادية صرف بل تنمية شاملة، شملت الإنسان والعمران والأنظمة وأنماط المعيشة، جاءت على النحو التالي:
الدورة الاقتصادية الأولى: تمت هذه المرحلة خلال الأعوام التالية (1975 - 1985م) كانت أسعار النفط قبل عام 1973م حوالي (4) دولارات ثم ارتفعت في بداية الدورة إلى متوسط (13) دولار ولأول مرة يحدث في تاريخ النفط أن تقفز فيه الأسعار من (4) دولارات للبرميل إلى أرقام قياسية وصلت (37) دولاراً في نهاية السبعينات قبل أن تهبط مرة أخرى في منتصف الثمانينات, اعتبرت نهضة تنموية عمرانية شاملة للمدن والقرى واقتصاد الأفراد وقطاع الخدمات، غطت البنية التحتية الأولية لبعض المدن ونقلت المجتمع من طراز معماري تقليدي إلى بناء حضاري جديد وكان عنوان هذه المرحلة صندوق التنمية العقاري الذي غير وجه بلادنا عمرانياً.
الدور الاقتصادية الثانية: تمت خلال الأعوام (2003 - 2014م) قفز فيها النفط من حوالي (15) دولاراً للبرميل إلى رقم أيضاً قياسي حوالي (120) دولاراً قبل أن يهبط هذه الأيام إلى ما دون (30) دولاراً، فالطفرة التنموية الثانية مقاربة جداً لعدد سنوات الأولى، ركزت على قطاع الخدمات وتغطية البنية التحتية، فاز بها القطاع الذي كان جاهزاً للتنفيذ ويتمتع وزيره بقدراته على قراءة المسار التاريخي للاقتصاد المحلي وعاش واستوعب المرحلة الاقتصادية الأولى.
اختلاف دورة السبعينات عن 2003م والفاصل بينهما حوالي (20) سنة أن الأولى كانت شاملة عمرانياً لجميع نواحي وقرى ومدن المملكة، ورفعت من اقتصاد الفرد ونقلت المجتمع من جانب حضاري إلى آخر، أما الدورة الثانية فهي اختصت تقريباً في قطاع الخدمات: الجامعات، المستشفيات، المصانع، الطرق، القطارات، عمارة الحرمين المشروعات الاقتصادية، الأنظمة، التعليم. ولاختلاف أهداف المرحلتين من حيث النوع والمنتج وانعكاساته ولمعرفة ما تحقق من أهداف يتطلب معرفة ما تم إنجازه وما أخفقت القطاعات وعجزت أو تأخرت عن تنفيذه، وهذا ليس للمحاسبية إنما للرصد ومعرفة ما تحقق من أهداف.