فاطمة العتيبي
تسعى الدول وتكثف جهودها لمحاربة الفساد لأن ذلك مرتبط طرديا بزيادة معدلات التنمية وبقاء موارد الدولة ومالها العام في مداراته الصحيحة، ذلك إن هذا من شأنه تحقيق العدالة بين المواطنين والرضا والاستقرار. وفي هذا السياق تظهر تجربة سنغافورة مميزة جدا ولافتة، حيث انتقلت من قائمة أكثر الدول فسادا إلى قائمة أقل الدول فسادا في سنوات قليلة، ومن ثم احتلت مراكز متقدمة من حيث التنمية وجودة التعليم.
هذا التقدم لم يأتِ من فراغ، اعتمدت سنغافورة الدولة ذات الموارد الطبيعية المعدومة وقليلة المساحة والسكان على الإدارة الرشيدة أو مايسمى الآن بالحوكمة.
ومن أميز التدابير التي اتخذتها الحكومة السنغافورية هي فصل الوزارات عن التنفيذ، بحيث يستقل المنفذون ويبدعون ويبتكرون بدون إملاءات مركزية من نوع (افعل ولاتفعل) وفرغت الوزراء للتخطيط الاستراتيجي المستقبلي، وأحكمت الرقابة على التنفيذ ومن أظرف أدبيات التجربة السنغافورية هي أنها عملت بمبدأ: ممنوع مَس المال العام فجعلت الموظفين لا يرون إلا أرقاما، فالرسوم والغرامات تدفع إلكترونيا، لأن التقليل من لمس الموظف للمال يوفر الجهد والوقت ويقلل من الفساد.
اختيار العناصر التي تعمد إلى الابتكار والإبداع والابتعاد عن المدراء التقليديين الذين ينتظرون الأوامر ولا يبادرون في اتخاذ قراراتهم في الوقت المناسب.