د.دلال بنت مخلد الحربي
عنوان المقال هو شعار رفعته حكومة السويد عندما قررت تخفيض ساعات العمل الأسبوعية لموظفيها إلى خمسة وثلاثين ساعة أسبوعياً، وهي بذلك تريد أن تحقق مستويات غير مسبوقة من الحراك الاجتماعي ونوعية الحياة لمواطنيها والمعروف أن السويد تأتي على رأس قوائم الدول في التنمية البشرية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وقرار السويد انطلق من اعتبارات عديدة كانت بداياته قناعات بعض الشركات السويدية مع رغبة موظفيها بتحقيق التوازن بين العمل والحياة والرابط الذي تقدره الشركات بين الصحة والربحية خاصة وأن دراسات علمية أثبتت أن العمل أكثر من ثماني ساعات يومياً لايزيد الإنتاج بل يزيد من احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية...
وتجربة السويد وغيرها من الدول التي سارت نحو هذا القرار يدعمه توصيات منظمة العمل الدولية التي تدفع إلى إعادة التفكير في ساعات العمل وتخفيضها والتركيز على الكيف وليس الكم بمعنى التركيز على الإنتاج وليس على عدد الساعات.
في بلادنا لدينا فجوة بين طبيعة العمل الحكومي والعمل الخاص من بينها عدد ساعات العمل في القطاع الخاص والأخير بدأ التركيز عليه مؤخراً باعتباره جهة عمل لابد أن تستوعب طالبي العمل والذين هم في تزايد خاصة مع عدم قدرة القطاع الحكومي على الوفاء بتوظيفهم لشغل جل وظائفه ولهذا السبب أخذت تعمل جهات عديدة لأن يكون القطاع الخاص ميداناً جاذباً للشباب والشابات السعوديات الباحثين عن عمل،
قرار مجلس الشورى الذي تصدر صحافة الأسبوع الماضي بتخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص صاحبه ردة سلبية من بعض أصحاب العمل وملاك الشركات وأصحاب المقاولات والسبب قولهم إن القرار فيه ضرر على مصالحهم، وعلى اقتصاد البلد وذكرت أرقام مالية عالية كخسارة سوف يسببها هذا القرار إذا ما عمل به ولكن قبل أن نمضي وراء هذه الأرقام كان بودّي التحقق من حقيقة عمل الموظف أو العامل الذي يعمل أكثر من ثمان أو تسع ساعات:
هل جميع الساعات مشغولة بالعمل، الجواب بالطبع لا فمن خلال رصد للمهتمين بهذا الجانب اتضح أن العمل يتقطع بأمور كثيرة منها تصفح الجرايد ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وفي جهات أخرى كثرة الاجتماعات وطول فترات الراحة التي تعطى بين ساعات العمل وأمور كثيرة بحيث أن المحصلة النهائية أن الأمور الجانبية أكثر من الوقت الذي يجب أن يقضيه الموظف في الواجب الحقيقي الذي تتطلبه الوظيفة كما أن التركيز على مهمة عمل لمدة ثمان ساعات أو أكثر فيه تحد كبير واختبار للصبر مما يجعل الموظف في غاية الإرهاق يحاول فيه الموظف جعل يومه عاديا ولكنه يفشل على الأغلب..
ولعلي هنا أشير إلى شكوى الكثير (وخاصة النساء) من طول ساعات العمل في القطاع الخاص وهو الذي أثر على حياتهن الأسرية ودفع بهن إلى استقالتها من العمل.
لقد آن الأوان أن نثمن الوقت الفعلي والحقيقي المركز على العمل والإنتاج لا على عدد الساعات وأن نستثمر في الموظف الذي يخرج من عمله وقد أنجز وهو بغاية السعادة التي لا يشعر بها بأنه استنزف أو مرهق، وبين موظف بقي ساعات طويلة بغير إنجاز وخرج وهو يشعر بأنه يجد صعوبة كبيرة في إدارة حياته الخاصة خارج العمل.
التغير إلى ساعات أقل مما عليه الوضع حاليا لايتسبب باختلاف جوهري إذا طلب من الموظفين والعمال البقاء بعيداً عن كل وسائل تقطيع العمل أو مايشغل الموظف عن العمل وكل الأمور الشخصية التي تشتت الإنتاج وتقلله،..
لنعمل معا على تيسيير أماكن عمل لشبابنا تكون محفزة لهم للإنتاج وليست منفرة تدفع بهم إلى البطالة..