د.دلال بنت مخلد الحربي
تمادت إيران في عجرفتها بعد أن داخلها الشعور بأنها القوة المهيمنة في المنطقة، وأن الغرب سيضع ثقله معها، ومن ثم شعرت بأن على إيران أن تتمدد كقوة إقليمية في المنطقة مؤثرة في العالم الإسلامي، فكان أن نهجت الدولة الإيرانية منذ ثورة الخميني السير في البحث عن الزعامة وجعلت من المسألة الدينية والمذهبية أساسا تستند عليه في انتشارها، فعملت على نشر قاعدتها المذهبية في دول أفريقية وآسيوية تصرف من أجلها الملايين، إن لم نقل المليارات، لتكسب نفوذا في المنطقة الإسلامية غير عابئة بما قد يؤدي إليه ذلك من نشر العداء المذهبي في تلك المناطق بسبب وقوفها ومساندتها لفريق ضد آخر، وعادة الفريق الذي تسانده هي المجموعة التي أوجدتها وغذتها بأفكارها التي تغطيها بشعارات مذهبية، في حين أنها توجهات قومية تطمح إلى الزعامة وفي السيطرة
...
قد أدى هذا التوجه التوسعي لإيران إلى إضعاف المستوى الاقتصادي لداخل الدولة وهو أمر معروف على مستوى العالم حيث ينتشر الفقر والبطالة ويعاني الشعب من أزمات اقتصادية خانقة.
ولم تكتف الدولة الإيرانية بهذا المنهج التوسعي الخارجي رغبة في الزعامة، بل تعداها إلى شأن آخر وهو خلق روح من العداء والتناحر في الدولة نفسها بين القوميات التي تعيش فيها، فقامت الحكومة باضطهاد (ومازالت تضطهد) الشعوب العربية والتركمانية والبلوشية والكردية بالدرجة الأولى.
ولم تعطِ لهذه الشعوب أدنى درجة من الحقوق التي تستحقها كمواطنة، وعلى وجه الخصوص الشعب العربي في الأحواز التي تمتلئ منطقته بالخيرات وعلى رأسها النفط ولكن تذهب غلة هذه الخيرات إلى المناطق الأخرى في حين بقت منطقة الأحواز في تخلف وتأخر بسبب السياسة الإيرانية المجحفة في حق الشعب الأحوازي.
لو كانت هناك حكومة رشيدة في إيران لتخلت عن الرغبة في الزعامة والطمع في الانتشار مذهبيا ولعملت على تسوية أوضاعها الداخلية بما يحقق للمواطن الحد الأدنى من العيش الكريم، ولتعاملت مع الشعوب المختلفة بروح المساواة والعدل، ولو أنها فعلت ذلك لأصبح في مقدورها أن تكون دولة وديعة مسالمة تتعايش مع الآخرين، لكن أنى لها ذلك وهي تزداد غياً يوماً بعد يوم..