د. محمد عبدالله العوين
انطلقت قبل ساعات مناورات «رعد الشمال» في منطقة حفر الباطن الواقعة في الشمال الشرقي للملكة العربية السعودية بقوات مشتركة تصل إلى 150 ألف مقاتل من دول عربية وإسلامية عدة شريكة في التحالفين العربي والإسلامي؛ وهي المملكة ودول الخليج ومصر والأردن والسودان والمغرب واليمن والباكستان وإندونيسيا وماليزيا وبروناي، ودول أخرى بصفة مراقب، وتستمر ثمانية عشر يوما.
وتعبر تصريحات العسكريين في دول المناورة بأنها تهدف إلى إظهار الجاهزية الكاملة لحماية أمن المملكة ودول الخليج والمنطقة العربية من تهديدات محتملة متزايدة في ظلال التطورات العسكرية الميدانية على الأرض السورية وعلى الأخص زج بعد إيران بخمسين ألف مقاتل من حرسها الجمهوري ومقاتليها الحزبيين والمستأجرين إلى الأراضي السورية ومواصلة الطيران الروسي والمقاتلين الروس اجتياحهم وتدميرهم المدن السورية السنية في حملة دموية قتل على إثرها آلاف السوريين ومثلهم مفقودون، وتم تهجير ما يقرب من مائة ألف خلال شهر واحد فقط من حلب ومحيطها إلى الأراضي التركية وبلدان أخرى هربا من القصف الروسي الوحشي المدمر.
بدأت مناورات «رعد الشمال» بعد مناورات بحرية أجرتها قبل شهرين تحت مسمى الولاية 94 واستمرت أسبوعا وجرت في مياه الخليج العربي في الحدود الإيرانية تدريبا وتجهيزا للقتال في البحار والإنقاذ واستعادة المخطوفين كما ذكرت وسائل إعلام إيرانية.
والمناورتان البحرية الإيرانية القصيرة التي ضخمها الإعلام الفارسي وكبر من شأنها والعربية الإسلامية البرية المكثفة والطويلة تعبران عن التوتر الذي يخيم الآن على المنطقة؛ نتيجة للسياسة الإيرانية التوسعية المنطلقة من مفهوم
«تصدير الثورة» الذي يعني بصراحة تامة «الهيمنة» على المنطقة العربية والإسلامية، وهو ما فعلته إيران بممالأة أمريكا ودول أوروبية أخرى في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي الآن تسعى عن طريق تصدير ونقل ذراعها الإرهابي «داعش» إلى أفريقيا في ليبيا ونيجيريا ومالي وغيرها، ومده بالسلاح عن طريق البحر والجو، كما اكتشفت حمولات عسكرية ضخمة في الشهر الماضي تحت مسمى معونات إنسانية إلى نيجيريا؛ بينما هي موجهة إلى جماعة
«بوكو حرام» التي ترعاها إيران، كما ترعى القاعدة وداعش وغيرهما من المنظمات الإرهابية.
وتأتي مناورة «رعد الشمال» تجربة ضخمة وإنجازا كبيرا للتحالفين العربي والإسلامي لمكافحة الإرهاب، وقوة ضاربة جوية وبرية؛ لتوجه رسالة إلى إيران ومواليها بأن العرب والمسلمين لن يلتزموا الصمت طويلا تجاه ما يجري في الوطن العربي من تدمير وتهجير وإراقة دماء، وأن اللحظة مناسبة للدفاع عن أمن أي بلد عربي وإسلامي مهدد وإنقاذ البلدان العربية التي طالتها أيدي التدمير الإيرانية عن طريق الوكلاء لإبادة السنة أو تهجيرهم لإحداث تغيير ديموغرافي كبير في المنطقة العربية يحيل الأرض العربية فارسية ويستبدل سكانها الأصليين في العراق وسوريا ولبنان واليمن بشعوب من أعراق غير عربية أو من عرب ينتمون طائفيا إلى المحور الشيعي الإثني عشري الفارسي.
ولكن؛ هل يعني حشد أكثر من 150 ألف مقاتل مما يقرب من خمس وعشرين دولة عربية وإسلامية ما بين مشارك ومراقب بأحدث الأسلحة استعدادا للتدخل في الأراضي السورية لاجتثاث «داعش»؟!
هذا السؤال المقلق الذي لم يجد إجابة شافية ولن يجد إجابة شافية إلا بالعمل لو كان ثمة قرار مبيت للعمل العسكري؛ ولكن تصريحا واضحا لوزير الخارجية في المملكة الأستاذ عادل الجبير، أشار فيه إلى أن المملكة ستشارك بقوات برية للتدخل في سوريا متى ما تم الاتفاق على ذلك، وهو الشأن نفسه في الإمارات التي أبدت استعدادها أيضا.
إذاً ثمة قناعة بضرورة التدخل بقوات برية؛ لكن التساؤل المقلق في الجانب الآخر : كيف يمكن أن يكون رد الروس على التدخل العربي الإسلامي بريا في سوريا لو حدث؟!
ولا بد أن نأخذ بعين الاعتبار «الموقف الروسي» فإن لم يكن ثمة تفاهم أو تنسيق مع الروس للتدخل لضرب «داعش» فإن الأمر خطير جدا، وقد يقود إلى مواجهة عسكرية بين المحور العربي الإسلامي والمحور الآخر الروسي الإيراني السوري.
ونسأل الله السلامة والأمن لبلادنا العزيزة وللأوطان العربية والإسلامية.