د. خيرية السقاف
قبل قليل من الجلوس إلى صحيفة الجزيرة لعدد الثلاثاء أمس الأول ,كنت قد دونت كعادتي كل صباح بعض ما تشاغبني به المحبرة بهذه العبارة: «صغارنا يكبرون فنكبر بهم»..
في تلك اللحظة كان يراودني الحلم أكثر بأن يحفظ الله صغارنا من فتن زمنهم, من أن يتجهوا لغير العلم, والعبادة, والعمل النافع المنجزالذي يجعلهم منارات في الأرض يتسابقون لأعلى منافات النجاح فوق الأرض, والجنة في مآلاتهم, أن يسعوا لرضاء الله في حياتهم, وبعدها..
الباعث ما نشاهده, ونعيشه من غلو هذا الطمي الذي يمتد, ويكتسح في طريقه الأخضر منهم, والمهمل فيهم, والمهمش لديهم, والتائه بينهم, والذي قد أسلموه لفتن هذا الوقت أهلُه وهم لا يأبهون..
وكنت أبتهل إلى الله أن يعصمهم, أن يجعلهم قرة عيوننا في الدنيا والآخرة, وليس أجمل من أن يكون دربهم العلم, والعمل, في صلاح نية, وعزيمة قوية, وفهم حقيقي للحياة, ووعي متطور بالأوليات فيها, وأن يمدهم بجهد وصبر على مكافحة هذا الغثاء الذي يملأ فضاءات ما حولهم..!!
فإذا بي وأنا أتصفح الجزيرة أصل إلى بهجة غمرتني, وإجابة سريعة طمأنتني, هي من فضل الله العظيم,
حيث أشرقت صفحة الجزيرة 21 بالخبر,
ابني «محمد الفيصل» يحصل على درجة الدكتوراه بامتياز, وبدرجة شرف أولى..
الحمد لله حمدا كثيرا,
كبر الصغار نعم ,
ونحن نكبر بهم حسا, وطمأنينة على زمنهم, وحصادا ينجزونه, ويؤول إليهم تقر به مطامحنا وآمالنا وانتظارنا..
محمد ,عرفته وجها مشرقا لأبنائنا في كوكبة مشرقة في طاقم إدارة وتحرير الجزيرة, وتحديدا في مكتب رئيسها القدير الذي يتعامل معي, وألجأ إليهم كلما أقلقني ظرف فأعتذر عن المقالة, أو خطأ فيها فأبلِّغ تنبيها..!
كذلك وجدتهم نبلاء, راقين, متفاعلين, هم أبناء الجزيرة المجهولين اليقظين عبدالإله, فيصل, خالد, معن, مشعل ومن لا يحضرني اسمه الآن, ..
وكان الفيصل محمد منهم, وهو على درجة من الطموح العلمي, والتفاني في الدراسة, والإخلاص في البحث, والحرص على الأكاديمية لمزيد خبرة, ومعرفة, وإضافة..,
كنت أعرف من قبل أن له أبا عالما قديرا, وأستاذا جامعيا فذا, وله عم آخر كان مديرنا في جامعة الملك سعود, ورفيق مرحلة مهمة فيها, كما إن له أما نبيلة متميزة, فهو من أسرة علم, وأخلاق, وسجايا عالية, اتخذته كما اتخذت زملاءه في مكتب أبي بشار أبناء لي..
محمد الفيصل دكتورا في الأدب العربي, ونقده..
اقتحم في أطروحته مجال «المقالة الأدبية» في زمن يحاولون فيه إقصاءها, وهي المتسيدة أنماط السرد, وغرة منثوره بما لا يجعلها تبيد أبدا..
إذن فهو الابن الذي تقر به العيون, وتبهج بنجاحه النفوس..
أبارك لك بني, وأبارك للدرجة العلمية نفسها التي سوف تتزيا بك,
كما أبارك لوالديك وإخوتك, لأسرتك, لأبي بشار, وللجزيرة دارك الثانية, وأهلها أهلك الخلَّص..
وكذلك لقرائك, وطلابك في الجامعة..
فبك أُضيف للمجال عنصر يجيئهم من نبعه الزلال ..
فالله أسأل أن ينفع بك, وبهم, ويجعلك لهما, ولهم قرة عين ..
فصغارنا كبروا,
وها نحن نكبر بهم.
اللهم بارك فيهم.