أ. د.عثمان بن صالح العامر
أحداث متسارعة، وتحديات متتالية، وخطوات حازمة وجازمة من قيادة بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين وولي ولي العهد الذين يقودون التحالف الإسلامي لمواجهة داعش وإسقاط نظام الأسد، ومن يدور في فلكه تلك البيئة الحاضنة لهذا التنظيم الفاسد، ومن ثم إنقاذ أهالي سوريا وسكانها من واقعهم المر الذي يعيشونه منذ سنوات، واجتثاث الشر - الذي أفسد عالمنا العربي والإسلامي - من جذوره بمشيئة الله وعونه وحوله وقوته.
* لقد سجّل التاريخ أن هناك رجلا يُدعى» شاؤول بن كيساي» ولد من أبوين يهوديين متعصبين، وعُرف عن شاؤول هذا عنفه في خصومته وعدائه الشديد لأتباع المسيح، فلما رأى أن التنكيل لا يجدي معهم ؛ اتخذ أسلوباً آخر وهو محاولة هدم تعاليم المسيحية من أصلها، وذلك بالتحريف والتبديل فيها من الداخل، فأعلن شاؤول - الذي غير اسمه فيما بعد إلى بولس الرسول - تحوله إلى النصرانية، وأعلن أنه آمن بالمسيح، وأنه صار من أخلص أنصاره، وأنه يريد أن ينشر دعوته. وهكذا قبله أتباع المسيح ؛ فتمكن بمكره ودهائه أن يحول المسيحية بالنخر فيها حتى انقلبت رأساً على عقب، وبهذا أفسد على النصارى دينهم إلى يومنا هذا.
* ونقرأ فيما سطر المؤرخون أيضا أن عبد الله بن سبأ يهودي من يهود اليمن دخل الإسلام نفاقاً - على الصحيح - ليعيد سيرة بولس من جديد، ولم يستطع ذلك لحفظ الله عز وجل للقرآن كما هو معلوم، ولضمان الرب- سبحانه وتعالى- استمرار الإسلام ديناً عالمياً إلى قيام الساعة، ولكن ذلك لا ينفي أن هذا اليهودي ومن معه من أتباع ومريدين وعوام جهلة مساقين فتنوا المسلمين في دينهم بعد أن كانوا سبباً في قتل خليفة المسلمين آنذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه، إذ تولد عن هذا المصاب الجلل تفرق المسلمين واختلافهم فيما بينهم، بل صار الخلاف فيما بعد انتهاء عصر الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم أجمعين- خلافاً عقدياً في الأصول كما هو معلوم « أهل السنة والجماعة، الشيعة، الخوارج الذين هم من ضئضئ ذي الخويصرة، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».
* ولم تنتهِ حكايات الاختراق وقصص الطابور الخامس عند هذا التاريخ القريب من عهد النبوة الطاهر - صاحب الخيرية المطلقة كما هو معلوم - بل إنّ أعداء الإسلام كثيراً ما قاموا بحركات ومحاولات فردية وجماعية تهدف إلى ضرب الإسلام من الداخل .
* ولذا ليس بمستغرب أن يقال عن ) تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( الذي يعرف اختصاراً بـ»داعش» بأنه صنيعة جديدة أبدع في نسج خيوطها وتكتيك خططها أناس معادون للإسلام وليسوا من أهله، مختصون في التراث الإسلامي، ويعرفون جيداً كيف يوظفون النص لضرب الإسلام باسم الإسلام. أو أنها كانت في الأساس تنظيماً سلفياً جهادياً مسلحاً جاء امتداداً للقاعدة- كما يقال - وانتظم في منظومة الحركات الأصولية الإسلامية، ثم اُخترق ووظّف من قبل جهات استخباراتية غربية كانت أو شرقية ، سيان المهم النتيجة التي تعيشها أمتنا العربية الإسلامية جراء هذا المد الداعشي الإرهابي الخطير.
* ولذلك فإن إعلان قيادة بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية الحرب على داعش، وحشد التحالف الإسلامي لضرب هذا المد الاستشرائي الخبيث «عسكرياً وفكرياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً» المتواجد في كثير من بلاد الإسلام، والمتمركز اليوم في سوريا والشام، سيتولد عنه إن شاء الله:
* كشف حقيقية الفكر الداعشي الذي أشكل على كثير من المنظرين والمحللين، فصار ألعوبة في يد المنحازين الفاقدين للمصداقية والحياد فيما يكتبون ويقولون، خاصة من بعض الساسة والمثقفين والأكاديميين الغربيين.
* وقاية أبناء المسلمين من الانخراط فيه والالتحاق بجحافله ظناً منهم أنه من الإسلام وهو ليس من هذا الدين العظيم بشيء، والشمس لا تحجب بغربال.
* إسكات الأبواق خاصة الغربية التي تربط بين الإسلام السلفي الوسطي الصحيح ممثلا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وبين تنظيم داعش الإرهابي للأسف الشديد.
* تحطيم مشروع الهلال الشيعي الخطير الذي تسعى الصفوية الفارسية إلى تحقيقه لتصبح حكومة طهران محيطة ببلادنا المباركة المملكة العربية السعودية حيث الحرمين الشريفين إحاطة السوار بالمعصم.
* عودة القيادة الفعلية للعالمين العربي والإسلامي، فضلاً عن منطقتنا الخليجية للمملكة العربية السعودية، وإعلام العالم بأسره حجم ومنزلة ومكانة هذه البلاد المباركة في خارطة الأحداث العالمية، حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمه، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر... ويبقى السؤال الرئيس الذي عنونت به مقال اليوم «هل نحن أمام العتبة الأخيرة من التاريخ؟!» معلقاً إلى حين، وربما أجابت عنه صراحة قوادم الأيام، دمتم بخير، وإلى لقاء ، والسلام.