رجاء العتيبي
لا يمكن أن يكون الإرهابي أياً كان نوعه وشكله وملّته ومذهبه إلا شخصية مضطربة نفسياً، أما أن يكون سوياً بكامل عقله فلا نظن ذلك مطلقاً، والذي يخون زملاءه في العمل أو الذي يفجر أو الذي يدعم أو الذي يشرّك الأحزمة الناسفة، ليس سوى شخصية مريضة، وإن تدثرت بلباس التقوى والصلاح، هؤلاء الأشخاص المضطربون نفسياً سيكونون كذلك حتى لو لم يكونوا إرهابيين، النفسية تظل نفسية في جميع أحواله.
هؤلاء المضطربون نجد أمثالهم بيننا في العمل والمنزل والشارع، نجدهم أناساً أشراراً مزعجين مخالفين للأنظمة خارجين عن القانون, ولو تهيأت لهم السبل لفجّروا وقتلوا وأفسدوا، كما يحصل للإرهابيين الذين يجدون بيئة حاضنة وداعمة وموجهة.
هناك نسبة معينة من المجتمع تكون (عدوانية ) هم الذين يدخلون السجون، وهم الذي يقتلون وهم الذين لديهم خصومة من مجتمعهم بشكل أو بآخر مثل الشخصيات (السايكوباتية)، وهؤلاء تجدهم في الظاهر أناساً (عاديين) ولكنهم في جانب آخر عدوانيون، يتلذّذون في تعذيب الآخرين حسب الأفكار التي يعتقدونها، حيث تقول الدراسات إن 25 % من مرتادي السجون من الشخصية السايكوباتية.
ليس لك أن تتخيل شاباً يقتل خاله، أو شاباً يقتل ولد عمه، أو امرأة تأخذ أبناءها الصغار وتذهب بهم إلى داعش، أو شاباً يفجر مصلين في مسجد، إلا أن يكونوا - حتماً - لديهم اضطراب نفسي، وهم الذين يمكن أن يستجيبوا لأي دعوات تجنيد تقصدهم، أما العاقل فلا يمكن - مطلقاً - أن يستجيب لأي دعوة إرهابية مهما كانت المبررات، ولا يمكن أن يقتل قريبة بدعاوى دينية.
وفيما لو فشل برنامج المناصحة للإرهابيين المسجونين، فإن ذلك يعود إلى هذا السبب، كيف تناصح أشخاصاً لديهم اضطراب نفسي، ما يعني دراسة هذه الشخصيات ومعرفة مدى استجابتها للنصيحة، فليس كل الناس سواء في ذلك، أما الفكرة (الأيدولوجية) التي استقرت في رؤوسهم فلا قيمة لها طالما أن المحتوى العقلي لا يعي جوهرها، وبهذا فينبغي أن يمر (المسجون) ببرنامج نفسي متخصص من قِبل استشاريين وخبراء في الاضطرابات النفسية، فهم الأقدر على تقدير الموقف من أي شخص آخر.
نحتاج إلى صيغ جديدة للتعامل مع الإرهابيين، فقد انكشفت شخصياتهم، فلم يعودوا إخواناً لنا بغوا علينا، وإنما فئة ضالة تعيش اضطراباً نفسياً / سلوكياً لا حل لها سوى مركز بحوث يقوم به متخصصون: دعاة ونفسيون واجتماعيون وساسة وفقاً لمناهج علمية، فإذا كان الجهد العسكري قد نجح في شل حركتهم، فإنّ الجانب البحثي كفيل بأن ينهي المسألة.