رقية الهويريني
ما حصل لإعلامي بارز من محاولة تشويه سمعته من خلال تصويره من قبل أحد أفراد هيئة الأمر بالمعروف وهو مكبل اليدين وبجانبه زجاجات خمر، واتهامه بعِرْضِه ونشر الصور في وسائل التواصل الاجتماعي؛ يشير لحالة من التصفيات الشخصية ولاسيما بعد نقده لأحد الوعاظ الذي ظهر وسط شباب في إحدى الفضائيات وهو يتحدث عن ضرورة ضرب المرأة كي تطيع زوجها، وشبهها بالدابة التي لا تسير إلا بالضرب!
وحين احتج بعض الإعلاميين على ما تعرض له زميلهم وتخوفهم من نفس المصير ومطالبتهم بمحاسبة المتسبب، تجاوب رئيس الهيئات بإعفاء مدير هيئة الرياض مما أثار بعض خطباء المساجد ضد الإعلاميين وعمدوا بالدعاء عليهم حتى أن أحدهم استعدى بالدعاء بأن يصيبهم الله بالشلل ويجمد الدم في عروقهم وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر! وهذا الأسلوب الجاهل يقلل من قيمة الرسالة التي يحملها الإعلامي المخلص. فهو يمثل صوت المواطن من ناحية، ومن جهة أخرى فهو يسعى لإحداث التغيير الإيجابي في المجتمع من خلال التوعية والإرشاد والتوجيه بدون وصاية، فضلاً عن كونه يمثل العين الثالثة لأنه يبقي المواطنين على علم بما يجري في وطنهم وبقية العالم، ويدفعهم إلى التفاعل مع الأحداث، ويجعل أفراد المجتمع مستنيرين لا معتمين، ويزيدهم فهماً ووعياً وسماحة من خلال تفاعلهم ومشاركتهم عن طريق تعليقاتهم، وتعميق الوعي الفردي لأهمية المجتمع والتعاون في بنائه، كما يقوم بنشر الحقائق والمعلومات ليتمكن الناس من بلورة آرائهم ووجهات نظرهم التي تنسحب في النهاية لصالح الوطن وهو واجب اجتماعي.
إن استعداء بعض الخطباء والمتشددين الحمقى على الإعلاميين لمجرد اختلافهم معهم في الرأي أو الاتجاه، والدعاء عليهم وهم مسلمون، وتشويه صورتهم أمام الناس وهم مواطنون، وتحريض المجتمع ضدهم وهم مسالمون، وليِّ عنق الحقيقة لفرض رأي أو اتجاه بعينه؛ يُفقد الإعلامي مكانته ويبطل رسالته السامية ويشكك في مصداقيته، ويحدث انقساماً في عقول الناس، وخرقاً للنسيج الاجتماعي، وبث الفرقة بين فئات المجتمع، وهذا يخالف ما تنشده القيادة من تنوير وإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي. ومن المؤسف حقاً أن تصبح بيوت الله ومنابرها مرتعاً للتأليب والحزبية، وقد يؤدي لنتائج وخيمة وهو انصراف بعض الناس عن حضور صلاة الجمعة طالما أصبحت مكاناً لبث العداوة والفرقة والانقسام.
يبدو أن الإعلام قد نجح في توصيل الرسالة السامية، وساهم في كشف زيف بعض المتاجرين بالدين وأوجع الحزبيين وبائعي الوهم!