د. عبدالرحمن الشلاش
أثار رأي قاله معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى لخريجي الانتساب ردود أفعال غاضبة جداً من قبل الخريجين. الوزير قال إنه غير مقتنع بنظام الانتساب ومخرجاته. بالتأكيد له أسبابه ومبرراته وهي ليست شخصية، وإنما مبنية على أسس منطقية ورؤية تربوية من وجهة نظر خبير متمرس، ورجل يقف على رأس الهرم التعليمي في المملكة العربية السعودية لذلك علينا أن نحترم رأيه مع الاحتفاظ بحق مناقشة الموضوع من الخريجين والإعلام من أجل الوصول لحلول عملية تؤدي لتوظيفهم وتخليصهم من الفراغ.
الوزير العيسى غير مقتنع بنظام الانتساب ومخرجاته وهذا رأيه ويجب أن يحترم، لكن هل هو غير مقتنع بمن تخرجوا وحصلوا على درجاتهم العلمية، أم أنه غير مقتنع بالنظام المطبق حالياً في بعض الجامعات السعودية ومنه ما يسمى بالتعليم عن بعد، والتعليم الإلكتروني، وهي مسارات تتيح الفرصة لمن لا تسمح لهم ظروفهم بمواصلة الدراسة والحصول على المؤهل الجامعي بسبب ارتباطاتهم العملية، أو تواجدهم في مناطق نائية وبعيدة عن الجامعات؟
من حق الوزير بحث سبل تطوير نظام الانتساب خاصة وأن هناك مستجدات ربما تساعد على تطويره مثل بث المحاضرات المباشرة أو المسجلة، وحضور الطلاب للجامعات بعض الوقت، وتطبيق ما يسمى بالنظام الجزئي، لكن هل إلغاء النظام مثلاً حلٌ عمليٌ خصوصاً ونظم الانتساب والانتظام الجزئي والتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني كلها مطبقة في أغلب دول العالم، لكنها نظم متطورة جداً. في أوربا أو أمريكا مثلاً تتيح للطلاب الموظفين أو غيرهم من غير المرتبطين بأعمال مواصلة الدراسة لتطوير مهاراتهم وقدراتهم؟
كما أن نظام الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية لا يمانع في توظيف خريجي وخريجات الانتساب بل ويسمح في دخولهم المفاضلات على الوظائف الإدارية والتعليمية خاصة وأن منهم طلاباً لديهم قدرات ومهارات تفوق بعض طلاب الانتظام وبالذات إذا ما علمنا أن الانتساب في تخصصات نظرية والفوارق بين المنتسبين والمنتظمين ليس كبيرة في ظل تدني كثير من كوادر التدريس الجامعية فأغلب طلابهم يعتمدون على التعلم الذاتي، وإصلاح التعليم الجامعي يقتضي أولاً إصلاح نظام الانتظام في ظل مؤشرات تدني مخرجاته!
طبعا أنا هنا لا أدافع عن خريجي الانتساب الذي أيضاً يتطلب نظامه إصلاحه وتجويده لكنني في ذات الوقت أرى أن من تخرجوا وأنهوا دراساتهم وحصلوا على مؤهلاتهم لا يمكن إدراجهم في رؤية معالي الوزير الجديدة، وإلا فإنهم سيخسرون سنوات من أعمارهم أمضوها في الدراسة والتحصيل، ومنهم من دفع رسوماً باهظة وتكاليف للوصول إلى الجامعات وأداء الاختبارات في نهاية كل فصل دراسي فهل بعد كل هذا يقال لهم إن شهاداتكم لا تنفع؟ أين يذهبون، هل يعلقون شهاداتهم أم يعيدون الدراسة انتظاماً كي يسمح لهم في الدخول في المفاضلات لعلهم يحصلون على الوظائف؟
الخريجون والخريجات ليس لديهم سوى مطلب واحد وهو التوظيف، ومعالي الوزير يبحث عن جودة مخرجات التعليم، وبين هذين المطلبين المشروعين لكلا الفريقين تكمن نقطة الاختلاف الوحيدة التي تحتاج لفك رموزها بما يخدم الصالح العام.