سمر المقرن
قبل سنوات، في بداية اختراع زواج المسيار، كان رأيي متشنجًا تجاهه، وكنت أحتقر المرأة التي تقبل بهذا النوع من الزواج الذي شرعنته المصلحة الذكورية. طالما أن الأمر في مصلحة الرجل، وتحديدًا في مصلحة غريزة الرجل.
قلت عن رأيي قبل سنوات، بينما الآن تغيّرت، لم تتغير مبادئي ومواقفي تجاه هذا النوع من الزواج، لكن نظرتي تجاه المرأة التي تقبل بزواج المسيار، لم أعد أحتقرها كما كنت في السابق، وتغيرت نظرتي تجاهها إلى الشفقة والرحمة، نعم أعطف على كل امرأة تقبل أن يكون جسدها أجيرًا للظروف التي وضعتها في هذا المكان. فالمرأة في بلادي لا تستطيع أن تعيش بلا رجل، ليس لأنها تبحث عن تأمين احتياجاتها النفسية والعاطفية، بل لأنها في بلد لا تستطيع أن تعيش فيه بلا رجل بمعنى (بودي قارد) فهي مُلزمة أن يكون لديها (ولي أمر) نظرًا لكونها ليس لديها سن معين تصبح فيه راشدة قادرة على إدارة نفسها ومصالحها وحياتها وقراراتها، لذا لا بد من ولي أمر يكون مسؤولاً لدى جميع الجهات عن قصورها، فيمتلك ولاية هذا القاصر إلى حين مواراتها تحت التراب!
تضطر بعض النساء التجاوب مع فكرة زواج المسيار، والدخول في عملية «مقايضة» ليكون لديها ولي أمر في مجتمع معظم قوانينه لا تخدمها. بالإضافة إلى أنظمة الحضانة التي غالباً ما تكون في صالح الرجل هذا وإن لم تتزوّج المرأة، فكيف بها إن تزوجت؟ فتضطر -بعضهن- إلى زواج المسيار «خفية» وذلك خِيفة أن تُحرم من ضناها، هذا إن كانت محظوظة وحظيت بحضانته حتى قبل أن تتزوج!
لو كانت القوانين تسمح لها أن تعيش حياة مستقلة دون الحاجة إلى (بودي قارد) لرفضن أغلب النساء هذا النوع من الزواج، ولعشن حياة كريمة ومستقلة وقادرة على إدارتها ومواجهة المؤسسات التي ترفض التعامل معها دون وجود ولي أمر.
أكثر ما يُشعرني بالاستغراب ترديد كلمة الهدف من زواج المسيار هو الستر للمرأة، وكأن المرأة فضيحة بحاجة إلى من يسترها، وهذا ما يعيد إلى تفكيري كلمة أن المرأة (عار) والتي رددها -بعضهم- ووجدت مؤخرًا استهجانًا في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي، مع أن حقيقة الفكرة هي من صلب المجتمع الذي يراها عاراً لا يسترها إلا الزواج والقبر. كل هذه الأفكار لن تتغير طالما القوانين تدعمها، وأنها لا تستطيع مراجعة أي دائرة حكومية بدون ولي الأمر، ولا تستطيع السفر بلا موافقته، ولا تستطيع استخراج جوازها إلا به، ولا تستطيع استئجار مسكن إلا باسمه.... والقائمة تطول، ولو فرضنا أن بعض النساء لسن بحاجة إلى كل هذه الإجراءات فيكفي أنها مُلزمة بالعيش تحت وطأة ولي الأمر، لذا لا ملامة ولا عتب على النساء الضعيفات اللاتي استسلمن للمسيار، إنما اللوم على القوانين التي أجبرتها أن تكون هكذا تحت صفة شرعيّة!