أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
(1)
قال أبو عبدالرحمن: أَنْزَلَ الله سبحانَه وتعالى شرائِعَهُ بِالْوحْيِ إلى أنبيائه ورسلِه عليهم صلوات الله وسلامُه وبركاتُه بلغتِهم التي هي لُغَةُ قومِهم؛ لِيبيِّنوا لهم؛ فَلَزِمَتْ الأمانةُ مع اللغةِ أَوَّلاً؛ لأنَّ شَأْنَ اللغةِ عَظِيمٌ جِداً؛ فهي السبيلُ إلى فَهْمِ مُرادِ الله.. ومُخالَفَةُ مُرادِ الله
بعد العلمِ به تَعَمُّدٌ لِـمَعْصِيَةِ الله، وانتهاكِ حدوده، وكلُّ النصوصِ الشرعِيَّةِ في وعيدِ الله بالْـجَحِيْمِ إنما هي لهؤلاء الْمُنْتَهِكينَ حُدوْدَ اللهِ بَعْدَ عِلْمِهم بها.. والله سبحانه وتعالى جَعَلَ اللَّغَةَ من آياته كما في سورةِ الروم، وامْتَنَّ على أُمَّةِ محمد (ولهُ الْـمِنَّةُ وَحْدَهُ، وَمِنْهُ الْـخَيْرُ واصباً جَلَّ جلالُه) بمحمدٍ نفسِه عليه صلواتِ الله وسلامُه وبركاتُه، وجزاه عَنَّا وعن كافَّةِ المسلمين، وعن جميع أُمَّتِهِ خَيْرَ ما يَجْزِيْ اللهُ نَبِياً ورسولاً عن أُمَّتِهِ.. ولم يَبْعَثْهُ لِيَظَلَّ دِيْنُهُ أُمِّياً؛ بل لِيَنْقُلَهُمْ إلى الْـكِتابِ والْـحِكْمةِ؛ ولهذا اِمْتَنَّ الله على جميعِ الخلق بـ (الْـقَلَمِ)، وجَعَلَهُ مِيْزَاناً، وَجَعَلَهُ الوسيلةَ إلى حِفْظِ ابنِ آدم ما لَـمْ يَعْلَمْ مِـمَّا أَذِنَ اللهُ له بِعِلْمِه كما في سورةِ الرحمن، وسورةِ القلم؛ والسِّرُ في هذا أنَّ طُرُقَ البيان التي ذكرها الفلاسِفَةُ والْـمُؤَلِّفَوْنَ في أُصولِ اللُّغَةِ قاصِرةٌ عن أداء اللُّغةِ بواسطَةِ الْـقَلَم؛ فالفردُ الذي لَـمْ يَعْتَوِرْ حِسَّه وَعَقْلَهُ ما يُعَطِّلُ قُدُراتِهما: في وِجِدانِه مشاعِرُ مِن آلامٍ وآمالٍ وبراهِيْنَ على وقائِع قاطِعَةٌ؛ فالأمَانَةُ مع اللُّغَةِ التي هي السبيل إلى فَهْمِ مُرادِ الله، وفَهْمِ مرادِ كلِّ مُتَكَلِّم: أنْ نَتَكَيَّفَ مَعَها ولا نُكَيَّفَها لأهوائِنا: مِن هروبٍ عن مُرادِ الله، أو حَمِيَّة لِلْمَذْهَبِ والْـمَشايِخِ والأعْراف.. ولا يَـحِلُّ لِـمُسْلِمٍ أنْ يُفَسِّرَ كلامَ الله بِمَعْنىً اِسْتَجَدَّ بعد نزول كتاب الله ولو كان مِن معاني العربِ الْعَوَامِّ؛ بل يُفَسَّرُ بالمعنى المعروفِ عند العربِ وَقْتَ نزولِ القرآنِ الكريم، وبالمعنى المعروف عند العربِ قبل التَّنْزِيل؛ لأنَّ القرآنَ نَزَلَ بلغتهم؛ ولأنَّ بيانَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم كلامَ ربِّه جاء بلغتهم.. وأسْلَفْتُ قريباً ما في وِجْدانِ الفردِ، واَضرِبُ الْـمِثالَ بالمقارَنَةِ بين دلالةِ اللُّغَةِ ودَلالَتَيْ بَعْضِ أَوْجِهِ البيانِ القاصِرِة؛ فالمقارَنَةُ الأولى من دلالَةِ وَجْهِ الإنسانِ كما في قولِ (سَلْمِ الخاسِرِ):
لا تَسْأَلِ الْـمَرْأَ عن خَلائِقِهِ
في وَجْهِهِ شاهِدٌ مِن الْـخَبَرِ
فهذه أوَّلاً: دلالَةُ مَرْهونَة بِلَحَظاتِ الرائيْ والوجهِ الْـمَرْئِيِّ؛ وهي ثانياً دلالةٌ احْتمالِيَّةٌ غيرُ قَطْعِيَّةٍ.
والمقارنةُ الثانيةُ مِن دَلالَةِ الْـعَيْنِ التي أَعْظَمَ الإمامُ ابن حَزْمٍ رحمه الله تعالى من شأنها.. قال كما في (مُخْتَصَرُ طوقِ الحمامة) /ط دارِ ابنِ حزمٍ ببيروتِ ط الأولى عام 1423هـ ص 192-193: ((الإشارةُ بلحظِ العين: وإنَّه ليقومُ في هذا المعنى المقامَ المحمودَ، ويبلغ المبلغَ العجيبَ، ويُقْطع به ويُتواصَلُ، وَيُوعَدُ وَيُهَدَّد، ويُنْتَهر وَيُبْسَط، ويُؤمَرُ وَيُنْهَى، وتُضربُ به الوعود، وَيُنبَّهُ على الرَّقيبِ، وَيُضْحَك وَيُـحْزَنُ، ويُسألُ وَيُـجَاب، وَيُمْنَعُ وَيُعْطَى.. ولكلِّ واحدٍ من هذه المعاني ضربٌ من هيئة اللَّحظِ لا يُوْقَفُ على تحديده إلا بالرؤية، ولا يُمْكِنُ تصويرُه ولا وصفُهُ إلا بالأقل منه، وأنا واصِفٌ ما تيسَّرَ من هذه المعاني: فالإشارةُ بمُؤَخَّرِ العين الواحدة نهيٌ عن الأمر، وتفتيرُهَا إعلامٌ بالقبولِ، وإدامةُ نظرها دليلٌ على التوجُّعِ والأسف، وكسرُ نظرها آيةُ الفرح، والإشارةُ إلى إطباقها دليلٌ على التَّهديد، وقَلْبُ الحَدَقَةِ إلى جهةٍ ما ثمَّ صَرْفُها بسرعةٍ تنبيهٌ على مشارٍ إليه، والإشارةُ الخَفِيَّة بمؤخَّر العينين - كلتيهما - سؤالٌ، وقلبُ الحدقة من وسط العين إلى المَأْقِ بسرعةٍ شاهدُ المنع، وترعيدُ الحَدَقَتين من وسط العينين نهيٌ عام، وسائِرُ ذلك لا يُدْرَكُ إلا بالمشاهدة.. واعْلَمْ أنَّ العين تنوبُ عن الرسل، ويُدْرَكُ بها المراد.. والحواسُّ الأربع أبوابٌ إلى القلب، ومنافذُ نحو النَّفس، والعينُ أبلغها وأصحُّها دلالةً، وأوعَاها عملاً.. وهي رائدُ النفس الصَّادقُ، ودليلُها الهادي، ومِرْآتُها المجلوَّة التي بها تقفُ على الحقائق، وتحوزُ الصِّفات، وتفهمُ المحسوسات.. وقد قيل: (ليس المُخْبَرُ كالمعايِن)، وقد ذكر ذلك أفليمونُ صاحبُ الفِراسة وجعلها معتمدهُ في الحكم».
قال أبو عبدالرحمن: على الرُّغِمِ مِن هذه التَّجرِبَةِ الْـحَزْمِيَّةِ البارعةِ: فَحُكْمُ دَلالَةِ العين: أنها مرهونةٌ، وأنَّها احتمالِيَّةٌ كما مَرَّ آنفاً.. وأَمْرٌ ثالثٌ أنها تَنْقُلَ مُرادَكَ إلى مَنْ تَلْحظُ له بالعينِ، ولا تَنْقُلُ لك مُرادَه.. وَلِتمام الاسْتمتاع مِن تجرِبةِ ابنِ حزم رحمه الله تعالى عن لحظِ العينِ أذكرْ بقيةَ كلامِه..قال ص 194-195: ((وبحسبك من قوة إدراك العين: أنَّها إذا لاقى شُعاعُها شعاعاً مَجَلِّيّاً [الصوابُ: شيئاً مَـجْلِيَّاً] صافياً: إمَّا حديداً مصقولاً، أو [الأصحُ: وإمَّا] زجاجاً أو ماءً، أو بعض الحجارة الصافية، أو سائر الأشياء المجلوَّة البرَّاقة ذواتِ الرَّفيفِ والبصيصِ واللَّمعان [الذي] يتصلُ أقصى حدوده بجسمٍ كثيف ساتِرٍ منَّاعٍ كَدرٍ: انعكسَ شُعَاعُها فأدْركَ النَّاظرُ نفسَهُ ومَازَها عِياناً.. وهو الذي ترى في المرآة؛ فأنت حينئذ كالنَّاظر إليك بعينِ غيرك؛ ودليلٌ عِيانيٌ على هذا: أنَّك تأخذ مرآتَيْنِ كبيرتين فتُمسك إحداهما بيمينك خلف رأسك، والثانية بيسارك قُبالةَ وجهِك، ثم تزويها قليلاً حتى يلتقيا بالمقابلة: فإنَّك ترى قَفَاك وكلَّ ما وراءك؛ وذلك لاِنْعكاسِ ضوءِ العين إلى ضوء المرآة التي خَلْفك؛ إذْ لم تجد مَنْفَذاً في التي بين يديك، ولمَّا لم يجدْ وراء هذه الثَّانيةِ منفذاً: اِنْصَرَفَ إلى ما قابله من الجسم وإنْ كان صالحٌ (غلام أبي إسحاق النظَّام) خالف في الإدراك؛ فهو قولٌ ساقطٌ لم يوافقه عليه أحدٌ.. ولو لم يكن من فضل العين إلا أنَّ جوهرَها أرفعُ الجواهر وأعلاها مكاناً؛ لأنها نُوْريَّةٌ لا تُدْرَكُ الألوانُ بسواها، ولا شيئء أبعدَ مرمىً، ولا أنْأَى غايةً منها؛ لأنها تُدْرَكُ بها أجرامُ الكواكب التي في الأفلاك البعيدة، وتُرَى بها السماءُ على شِدَّة ارتفاعها وبُعْدِها؛ وليس ذلك إلاَّ لاتِّصالها في طبع خِلْقتها بهذه المرآة، فهي تدركها، وتصلُ إليها بالطَّفْرِ.. لا على قطعِ الأماكنِ، والحلولِ في المواضعِ وتنقُّل الحركاتِ؛ وليسَ هذا لشيء من الحواسِّ مثلِ (الذَّوق واللَّمسِ، لا يُدْرَكان إلا بالمجاورة، والسَّمعِ والشَّمِّ؛ لا يدركان إلاَّ من قريب).. ودليلٌ على ما ذكرناه من الطَّفر: أنَّك ترىَ الُمصَوِّتَ قبل سماع الصَّوت وإنْ تعمدْتَ إدراكهما معاً؛ ولو كان إدراكُهما واحداً لمَا تقدَّمت العينُ السَّمْعَ)).. قال مُحَقِّقُ الكتابِ الشيخُ عبُالحقِّ التُّرْكُمانيُّ: (الطفرة في رأي النظام: هي أنَّ المارَّ على سطح جسم من مكان إلى مكان بينهما أماكِنُ: لم يقطعها هذا المارُّ، ولا مرَّ عليهما)).. وخطَّأَ ابنُ حزم هذا الرأيَ، ثم قال: ((هذا ليس موجوداً أَلْبَتَّةَ إلا في حاسة البصر فقط، وكذلك إذا أَطْبقتَ بصرك ثم فتحته: لاقَى نظرُك خضرةَ السماء والكواكب التي في الأفلاك البعيدة بلا زمان كما يقع على أقرب ما يُلاصِقُه من الألوان.. لا تفاضل بين الإدراكين في المدة أصلاً))، ثم قارَنَ بين حاسة السمع وحاسة البصر (كما فعل هنا)؛ فقالَ: ((إنَّ الصَّوْتِـيَّ يقطع الأماكن، وينتقل فيها، وإنَّ البصر لا يقطعها، ولا ينتقل فيها (أي إنَّ إدراكه المرئيات طَفْرة))..).. انظر الفصل 5/64-65).. قال أبو عبدالرحمن: وأما دلالَةُ لُغَةِ العربِ بواسطةِ الْـقَلَمِ، وإظْهارُها ما في وَجْدانِ الْـمُتَكِّلمِ: فقد تَعَرَضَّتْ لِـهَجَماتٍ شَرِسَةٍ مِن قِبَلِ الشُّعُوْبِييِيْنَ والطائِفِييِيْنَ والْـعَلْمانِييِيْنَ وكَفَرةِ أهْلِ الكتابِ؛ لِيَصُدُّوا الْـمُسْلِمِين عن فَهِمِ دينِ رَبِّهمْ وَفْقَ مُرَادِهِ؛ فأمَّا كَفَرةُ إيرانَ مِن مَجُوْسِ إيرانَ وعُمَلاؤُهُمْ (حِزْبُ الشيطان) بِلبنانَ: فإنَّ قِبْلَتَهُمْ للعبادَة بزعْمِهم هي (قُم)، وَقِبْلَتَهُمْ للإلحادِ بِظُلْمِ، والإفْسادِ في الأرض هي الْـحَرَمانِ الشَّريِفانِ قَبَّحَهُمْ الله، وقد حماهُما اللهُ بالْأُسُوْدِ مِن آلِ سعودٍ أدام الله ظِلَّهَمْ.. وَدِيْنُهُمْ الذي يَزْعُمِوْنه هو تحريْفُ الْـكَلِمِ مِن بَعْدِ مواضِعه، والافتراءُ على دلالاتَهِ، وتفسيرُه بما لا شائبةَ فيه مِن دلالَةِ العقلِ وَمَصْدَرِه من الحسِّ، وقد حَسَدوُاْ كَفَرَةَ اليهودَ لَعَنَهُمْ الله إذْ قالوا: (حِنْطَةً) بنون بين الحاء والطاء الْـمُهْمَلتين استهزاءً بالله إذْ أَمَرَهم أنْ يقولوا: (حِطَّةً) بدونِ نونٍ بين الحاء والطاء.. ومِن تلك الْـهَجَماتِ ما لَـمْ يَصْدُرْ عن مُحَادَّةٍ له؛ بلْ عن اجتهادٍ خاطئٍ شَنِيْعِ الخطإِ يريدون به بزعْمِهم تَنْزِيَهَ رَبِّهم؛ فإذا بهم يَتَنَقَّصُوْنَهُ كاجتهادٍ كثيرٍ عند الْـمُعْتَزِلة (وإنْ كانَ في بَعْضِ اجتهادِهم خيرٌ كثيرٌ)؛ فحكموا بأنه يَـجْرِي في كون الله ما ليس في قُدْرةِ الله رَدُّه مِـمَّا جَعَلَ اللهُ لِلْمُكَلَّفِ حُرِّيَّةَ فِعْلَه أو تَرْكَه، وقد أفَضْتَ عن هذه المسألةِ مَنْذُ سنواتبهذه الجريدة.. ومِن الْـهَجَماتِ الشَّرِسَةِ ما يُبُوْءُ بإثْمِهِ مَنْ جَعَلهَم العامَّةُ رموزاً ثقافيةً علميةً فكريَّةً مِنْذُ هَجْمَةِ (نابليون) على شَرْقِنا العربيِّ الإسْلامِيِّ، وَيُسَمُّوْنَ هذه الْـهَجْمَةَ (عَصْرَ النهضةِ العربية الْـحَدِيثَةِ) !!.. وامْتَصَّ هذه النَّهضَةَ الدكتور (طه حسين)، ولا سيما في كتابه (مُسْتَقْبلُ الثفاقةِ في مصر)، وما أَظُنُّهُ تَعَمَّدَ إرداةَ السُّوْإِ؛ لأنَّ كُتُبَه ككتابِه (حديثُ الأَرْبِعاءِ)، وما حَقَّقَهُ من كُتُبِ التُّراثِ، وأحادْيثَه الإذاعِيَّة: دليلٌ على أنَّه عَرَبِيُّ النَّزعَةِ، ولكنَّه مُخَدَّرٌ بِسِحْرِ أُسْتاذِهِ اليهودِيِّ (مَرْجلْيوث)، وزَوْجَتِه الْـفَرَنْسِيَّةِ.. واسْتَشْرَت الْـهَجْمَةُ الْـمُلَغَّمةُ عند النُّصَيْرِيِّ (أدونيس)، ومِثْلُهُ في الْـقُبْحِ زوْجَتُه (خالِدَةُ)، ولقد كتب هذا النصيري عن الإمام الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) على أنه رائد الإصلاح (!!!)؛ فَصَدَقَ وهو كذوب كما قال الله تعالى عن الْـمُنافقين: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (1) سورة المنافقون.
قال أبو عبدالرحمن: وما خَفَتَ صوتَ النُّصَيْرِيِّ حتى ظَهَرتْ في الطرفِ الْـغَرْبِيِّ أصواتٌ غير مُتَوارِيَةٌ؛ بل تُعْلِنُ أنَّ (الْـمَاسُونِيَّةُ) إنْقاذٌ للعرب والمسلمين عِلْماً، وتَـجْرِبَةً حِسِّيَّةً، وَفِكْراً جمالِياً؛ فلا يتورَى (أَرْكُوْنُ)، و(النَّيْهُوْم) عن واقعِهِمْ الذي هو النيابَةُ عن (مبخوت) رئيسِ الماسونيَّةِ في فرنسا؛ وهذان الاثنان - وغيرُهُما كُثُرٌ - هُما أنْشَطُ رُوَّادِ (التَّثْقِيفُ الجنوبيُّ) الذي يُديرهُ ماسونِيُّوْ جنوبِ البحر المتوسِّط، وقد رَبَّوْا رموزاً عربية في (السُّرْبون).. والأول منهما ألَّفَ خَمْسَةَ كُتُبٍ يدعو فيهنَّ بكلِّ حِيْلةٍ وَمُراوغَةٍ إلى تفسيرِ القرآنِ الكريم بما استجدَّ بعد التَّنزيلِ بقرونٍ من الدلالَةِ السِّيميائيةِ، وأرجو الله جَلَّتْ قَدْرَتُه أنْ يوفِّق أخي الدكتور (عبدالله بن محمد الْـغَذَّامي)؛ فإنَّ سيرتَه صلاحاً ومحافظةً على الصلاة ولاسيما صلاةُ الفجرِ عاطِرَةٌ: أنْ يَكْتَفِيَ بما مَرَّ في حياتِه من احتواءِ السيميائية وأخواتِها إلا بِشَرْط أنْ يُعْلِنَ في كلِّ مناسبةٍ يكتب فيها عن السيميائية: (أنَّ هذه الدلالَةَ التي اِسْتَجدَّتْ ضروريةٌ لتوسيعِ آفاق أدَبِنا الحديث (؛ وذلك هو تفجيرُ اللغةِ)، وأنَّه لا يـَحِلُّ لِـمُسْلِمٍ أنْ يَتَفَهَّمَ بها كلامَ الله الذي نَزَلَ قبل هذه الدلالة الحديْثَةِ بقرون، وإلى لقاء عاجل قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.