ناهد باشطح
فاصلة:
(ليست الأشياء قط كما هي، بل كما تبدو)
(حكمة إسبانية)
كلما قرأت خبراً لوكالة الأنباء السعودية «واس» يتعلق بالرد على انتقادات المجتمع الدولي لأنظمتنا تمنيت أن يكون الرد وصياغة الخبر فيها من الثقة بالنفس أكثر من الدفاع عنها.
يوم الجمعة الماضي 4 مارس 2016 بثت «واس» خبراً عن استخدام المملكة العربية السعودية حق الرد في مجلس حقوق الإنسان على ما ورد من إشارات في كلمات الوفدَيْن الهولندي والدنماركي فيما يتعلق بتعزيز حقوق الإنسان، وفيما يتعلق بعقوبة الإعدام.
في مقولة سفير المملكة في الأمم المتحدة بجنيف الأستاذ «فيصل طراد» يتضح ما أقول مع التذكير بأني أناقش صياغة الخبر التي ربما اختلفت عن كلام سعادة السفير!!!
يقول الخبر إن السفير قال («إن المملكة وهي العضو المؤسس للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، الذي حصلت على عضويته خلال السنوات التسع الماضية، حريصة على حماية وتعزيز حقوق الإنسان بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية السمحة، ومن ثم فإن أي إشارة إلى عدم استقلالية القضاء أو عدالته أو عقوبة الإعدام هي مرفوضة وغير مقبولة». وطالب الجميع في مجلس حقوق الإنسان باحترام خيارات المجتمع السعودي).
في رأيي، إن الانتقادات حوت محورين: الحديث عن عقوبة الإعدام، واستقلالية القضاء.
ولو أن السفير أعطى المجلس معلومات عن انتشار الإعدام كقضية جدلية أفضل من رفضه الانتقاد لها والإعلان عنها كخيار مجتمعي؛ فالمملكة تعتبر خامس دولة في ارتفاع معدل عقوبة الإعدام، وليست أول دولة، وأوروبا فقط هي التي لا تطبق العقوبة؛ إذ إن المادة الثانية من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي تمنع تطبيقها، بينما أكثر من 60 % من سكان العالم يعيشون في دول تطبِّق هذه العقوبة.
لكن الإشكالية ليست في تطبيق هذه العقوبة فقط بل في تصاعدها في دول نحن من ضمنها، كالصين وإيران والعراق وأمريكا واليابان، وغيرها من الدول.
على سبيل المثال: في عام 2008 بلغ معدل تنفيذ العقوبة في العالم 2390 حالة، وكان العدد في أعلى خمس دول يمثل 93 % من العدد الإجمالي. وتسببت الصين في إعدام ما يقرب من 1.718، بينما بلغ نصيب المملكة العربية السعودية 102 حالة إعدام.
عقوبة الإعدام التي تنطلق لدينا من ثقافة إسلامية، قد لا يطبقها بعض البشر بوعي إنساني، لا يفهمها الغرب؛ ومن الأجدى إيضاحها بمعلومات صحيحة، فضلاً عن الدفاع عن أنفسنا وطلب المجتمع الدولي تقبُّل هذه الثقافة.
الإعلام المضاد لا يعني أن تقول «هكذا أنا شئتم أم أبيتم» في مواجهته للازمات المتعمّدة، إنما يكون بنشر المعلومات الصحيحة.
أنت لا تخاطب فيه مجتمعك؛ أنت تخاطب مجتمعاً دولياً بقيم مختلفة، ولن تستطيع محاربة ادعاءاته إلا بالمعلومات الصحيحة.
أما فيما يتعلق باستقلالية القضاء فلذلك مقال قادم.