د. محمد عبدالله الخازم
جاء تأسيس مجلس للشئون السياسية وآخر للشئون الاقتصادية والتنموية كنقلة نوعية في ترشيد العمل البيروقراطي الحكومي، فاصبح المجلسان بمثابة جناحي التنفيذ لمجلس الوزراء الموقر. وبعد عام دؤوب من العمل خصص مجلس الشئون الاقتصادية والتنموية جلسة لمراجعة أعماله وقراراته، وهذا أمر إيجابي توقف المجلس كل فترة، أو بشكل سنوي للمراجعة والتأمل. نحن ككتاب رأي، نجد مساحة كبيرة في نقد العمل المحلي الذي تقوم به مختلف وزارات الدولة المختلفة، والنقد أو الملاحظة أو الاقتراح ليس يعني إنكار الإيجابيات والإنجازات، أو هكذا أراه. لكنها طبيعة الكتابة النقدية والفرق بينها وبين العمل الدعائي والإعلاني. في الكتابة النقدية، أنت لا تكتب لتمدح الإيجابيات وتعدد الإنجازات، لأن تلك مهام تتولاها إدارات العلاقات العامة للجهة المعنية، وإنما نكتب بحثاً عن نقطة ضوء قد تسهم في تبني فكرة جديدة أو تصحح مسار محدد أو نقل رؤية يشعر بها المراقب والمستهلك.
وحول هذه النقطة سأبدأ بعض ملاحظاتي حول مجلس الشئون الاقتصادية والتنموية. المجلس ومن خلال تجربة عام من عمره -وهي تجربة قصيرة في العمل التنموي- يبدو زاهداً في الظهور الإعلامي بدليل إكتفاءه بخبر صغير يشير إلى اجتماعاته يصدره عقب جلساته. كان ذلك ملاحظاً منذ بداية عمل المجلس بدليل عقد الاجتماعات دون لبس الزي الرسمي الحكومي المتمثل في (البشوت) أثناء الجلسات، وبدليل أن طاولة اجتماعاته ذات تصميم عادي، يستغرب الناظر لها من زاوية فنون التصميم عدم تناسق حجمها مع المكان أو بأسلاك المكرفونات الظاهرة على سطحها.. هذه ليست ملاحظة نقدية تتعلق بأعمال المجلس -للمحرر حذفها إن قرر عدم لباقتها- وإنما هي شكلية يستدل بها على عدم اهتمام المجلس بالشكليات.
ربما يكون الزهد في الأضواء الإعلامية والعمل بصمت ميزة مهنية، لكنها لا تساعدنا كمهتمين بالشأن العام في فهم التفاصيل والتوجهات العامة لكثير من القرارات والتوجهات المتعلقة بالتنمية والاقتصاد، لذلك نحن ننشد تفاعلاً أكثر مما هو حاصل.. على سبيل المثال؛ لماذا لا يكون للمجلس متحدث رسمي يتولى لقاء الإعلاميين بشكل شهري إن لم يكن أسبوعي، يشرح فيه قرارات المجلس والنقاط التي ناقشها وغير ذلك مما له علاقة بشئون المجلس.. مجلس الوزراء يعتبر وزير الإعلام متحدثه الرسمي، والوزارات لديها متحدثيها، وليس هناك ما يمنع وجود متحدث للمجلس الاقتصادي.
وفي علاقة المجلس بالإعلام، أشير إلى فكرة تكرر اقتراحها، لكنها لم تجد راعياً يتبناها، ألا وهي فكرة تأسيس المرصد الإعلامي. ربما يكون المجلس هو الجهة المناسبة التي تتولى تأسيس المرصد الإعلامي، الذي يتولى رصد كل ما يرد في الإعلام المحلي والأجنبي المتعلق بنا وتبويبه وتحليل التكرار فيه وحصر الجديد، على فترات طويلة تمتد إلى أشهر أو سنوات، بشكل يتجاوز فكر الملف الصحفي الروتيني.. وبالتالي تحويله إلى مادة يستفيد منها المجلس كمصدر علمي ويتعرف أعضاءه -كل في مجاله- على أفكار متنوعة وعلى نبض المجتمع وغير ذلك من الفوائد. الإعلام السعودي وبغض النظر عن أية ملاحظات يمثل أهم مصادر الرقابة والرأي في المملكة، ويطرح فكراً متميزاً في مجال التنمية.
أخيراً، أشير إلى ورشة العمل التي أقيمت تحت مفهوم التحول الوطني وحجم الإشادة والثناء الذي قرأته حولها من قبل الكتّاب والإعلاميين بها. لذلك ربما اقترح تكرار إقامة ورش عمل تشرح التحول في مختلف أوجهه الاقتصادية والتنموية، بمختلف مناطق المملكة لتكون فرصة لأعضاء المجلس لمتابعة الهموم التنموية حضورياً وللتواصل مع المفكرين والمعنيين في كافة المناطق. أو إقامة ورش عمل متخصصة في مواضيع محددة، كان تعقد ورشة عمل تعنى بالجانب الاقتصادي وأخرى بالجانب التعليمي وثالثة بالجانب الصحي... إلخ.
أكرر؛ المجلس يخطو خطوات كبيرة رغم عمره القصير، وما تلك سوى أفكار لست أحدد مدى تناسبها مع طريقة عمل المجلس الداخلية. الهدف هو تحفيز التفاعل بين المسؤولين والنخب الفكرية والمجتمعية المختلفة.
أهنئ المجلس بعيد ميلاده الأول متمنياً له مزيداً من التوفيق والنجاح.