هاني سالم مسهور
بعد عام كامل من احتلالها نجحت تعز في تلمس طريق الحرية، معاناة طويلة عاشتها المدينة بعد حصار وتنكيل مارسته المليشيات الحوثية وشريكهم المخلوع صالح، فمن 11 مارس 2015م بدأ فرض واقع الاحتلال على مدينة تعز التي شهدت على مدار عام أسوأ كارثة إنسانية بعد أن عانى السكان من التجويع المتعمد وحرمان المدينة من المستلزمات الطبية.
تحرير مدينة تعز يضاف إلى رصيد انتصارات أخرى للحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي، فبعد تحرير مدينة عدن في 14 يوليو 2015م والمحافظات الجنوبية، وتحرير باب المندب، والإعلان عن تحرير سد مأرب التاريخي والتقدم الواسع في محافظة الجوف الشاسعة المساحة، وتحرير ميناء ميدي والسيطرة على حرض، تحقق التقدم الاستراتيجي تجاه العاصمة صنعاء عبر نجاح القوات الشرعية من السيطرة على فرضة نهم، هذا الرصيد من الانتصارات يضاف إليه ما تحقق في تعز التي من المؤكد أن تحريرها وفك الحصار عنها يعد هدفاً بالغاً في الأهمية.
وسواء أكان ما تحقق في تعز هو انسحاب للمليشيات الحوثية أو انتصار للمقاومة الشعبية التي تعززت عبر ألوية للجيش اليمني فإن هذا يدعونا لقراءة الاستراتيجية التي اعتمدها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وهي الاستراتيجية التي للأسف لا يتم تناولها إعلامياً بالشكل المطلوب، فلقد حصل تغيير مهم في العمليات البرية وذلك عبر قيام التحالف العربي بتدريب وتأهيل الجيش اليمني للقيام بالمهام العسكرية في اليمن.
الاستراتيجية في هذا الجزء اعتمدت عبر إعادة كاملة لتشكيل جديد لوحدات الجيش اليمني الذي ومع الانقلاب في 21 سبتمبر 2014م وجد اليمنيون أن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح لم يصنع خلال ثلاثة عقود من حكم اليمن جيشاً وطنياً بل صنع جيشاً عائلياً بدون أهداف وطنية وتم استخدامه في معارك خاسرة وتسخير إمكانياته ضد الجوار العربي قبل أن يستخدم في قتل الشعب اليمني الذي طالب المخلوع صالح في 2011م بالتغيير السلمي فعاقبه بالقتل المتعمد.
لقد قام التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبإشراف مباشر من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بإعادة تشكيل كامل للجيش الوطني اليمني عبر مقررات مخرجات الحوار الوطني الصادرة في مارس 2014م والتي نصت على أن يتم تشكيل الجيش اليمني من قوام تعداده مائتين وخمسين ألف جندي يتوزعون بالمناصفة بين الشمال والجنوب بعدد مائة وخمسة وعشرين ألف جندي، لذلك تم إنشاء عدد من مراكز التدريب وانطلقت عملية الاستقطاب للأفراد وتأهيلهم وتجهيزهم لخوض الحروب.
ومع وصول القوات السوادنية إلى مدينة عدن بعد تحريرها أوكل إليها تأهيل القوات اليمنية في قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج، كما أن الرئيس عبد ربه منصور هادي حضر تخريج دفعات من وحدات الجيش في معسكرات تم إنشاؤها في جيبوتي خلال ديسمبر 2015م، وهذه هي الاستراتيجية الأكثر أهمية وعمقاً ليس فقط من ناحية تأهيل الجيش اليمني فقط بل من مختلف النواحي التي بات اليمن بحاجة إلى تغييرها.
انتصار تعز تحقق عبر وحدات الجيش اليمني بإسناد ودعم من طائرات التحالف العربي، وهذا الانتصار على قوى الانقلاب والبغي يؤكد أن لا مكان أبداً لمشروع الإمامة في اليمن الذي صنع دولته السياسية في 26 سبتمبر 1962م وحدد مسلكه عبر الجمهورية وما هزيمة الحوثيين في تعز غير انتصار لقيم ومبادئ اليمن الذي يعمل على تغيير جلده بمساعدة إخوانه العرب الذين استطاعوا في لحظة فارقة من التاريخ على استعادة اليمن من قبضة الدولة الإيرانية الباغية.