د. خيرية السقاف
التقارير الطبية التي تصدر عن مراكز البحوث، أو تتولى المجلات العلمية الكتابة نشرها، وتشيعها وكالات، ومواقع الأخبار تحديداً تلك التي تفنّد أعراض الأمراض، على قدر ما فيها من التوعية إلا أنها قد تدخل المرء في دوامة من القلق، والحذر ، وتضفي على هواجسه نوعاً من اليقظة المحرجة له.. فلا يكاد يتحرك إلا وهو على كف هاوية مرض عضال..
وكثيراً ما يمرض السليم وهو يظن، وينعم العليل وهو لا يدري..
فأعراض تشكل خطراً على القلب، وأخرى على الكبد، والدم، وأعراض الإصابة بالسرطان، ونحوها كثير كثير كثير، ما جعلت المتحرك الذي يخزه صدره يشهق رعباً من ذبحة صدرية، أو تورّمت قدمه يتوجس عطباً في أوردته، أو غثيان طفيف يتوهم ورماً في داخله، و و و..
فمثل هذه التقارير حين تكون في متناول الإعلام، والانتشار ينبغي أن تقابلها حملات توعية عن مراكز تؤسس لهذا في المدن، والمدارس، ووسائل التواصل، وتُلحق بالمراكز الصحية والمصحات باختلافها، وتفرض في برامج الإعلام، ويخصص لها مواقع إرشاد..
ذلك لأنّ متاحات الواقع بدءاً بنمط العمار، وعوادم المواصلات، ومؤثرات الأغذية، والأدوية، والسلوك الصحي، والمناخ، والتلوث بمختلف مصادره وآثاره قد أصبحت عبئاً على صحة الفرد، الأمر الذي يجعل مكافحتها ضرورة ملحّة ليس على مستوى نشر المعلومة عن الأمراض، وأعراضها تحديداً، وتفنيد الآثار الناتجة عنها في صحة الفرد، بل على مستوى نقلها لكل الأفراد مع تمكينه من الكشف العلاجي لها..
إن صحة الفرد تتطلب إعادة هيكلة، ومنهجة، وتخطيط تفاصيل أداءات مؤسسة الصحة لتكون فاعلة على وجه المبادرة، بشكل دائم، ومتنامٍ، ومتاحٍ لكل فرد حين يهاجسه المرض، ويدب في تفاصيله خوف الوقوع فيه، والإجابة عن كل نبضة في جسده تلمح له بعرض مرضي يقض نومه.. حين تكون المعلومة بين يديه، لكن العرض في جسده لا يملك سرعة التأكد منه.
فيذهب للتوجس، ويقع في مرض نفسي جديد.. هو القلق والخوف والشكوك، التي غالباً ما تتحول من التفكير عنها، لإصابة الجسد بها كما يعرف المختصون.
فكل ما حول الإنسان في الواقع الملموس يعمل على شيوع الأمراض، وتمكينها عضوية، ونفسية.
لكن، العلاج بين أيدي مؤسسة الصحة الأولى، وكليات الطب الجامعية، ومراكز التوعية.
هناك يكمن الداء، والدواء من أجل صحة المجتمع بأفراده.