موضي الزهراني
في الأسبوع الماضي تناول برنامج «بدون شك» مأساة «ممدوح» الذي تنازلت عنه الأسرة التي عاش فيها منذ ولادته! ولكن بعد مرور 6 سنوات تخلت عنه الأسرة وذلك بتركه في الحرم المكي!.. وبعد ذلك قامت شرطة الحرم بتسليمه للشئون الاجتماعية، والتي عاش فيها لمدة 12 سنة، وعندما بلغ مرحلة 18 سنة، اتجه للأحوال المدنية مع مجموعة من زملائه لكي يستخرج بطاقته المدنية، لكنه تفاجأ بموظف الأحوال الذي يؤكد له بأن «اسمه مرتبط باسم عائلة ما» هذا الخبر صدم «ممدوح» وأدخله في دوامة من التساؤلات المؤلمة التي دفعته لدائرة من البحث عن أسرته ومطالبتهم بالاعتراف بهويته الحقيقية! ولكن الأكثر إيلاماً له هو الرفض الذي واجهه من الأسرة التي احتضنته رضيعاً، ثم تخلت عنه صغيراً، لأسباب ذكرتها السيدة التي تمت مداخلتها هاتفياً في البرنامج، فكانت أشد وقعاً على ممدوح، وعلى ضيوف البرنامج. هذه القضة بلاشك ليست القصة الوحيدة من خلال عملي سابقاً مع فئة الأيتام «ذوي الظروف الخاصة».. حيث هناك الكثير يعانون المآسي مثل ممدوح للبحث عن أيّ دليل حتى لو كان ورقة في ملف، لكي يساعدهم في الوصول لأسرهم الحقيقية.. ويُسكت أنين الألم لفقدهم الانتماء الأسري مثل غيرهم؛ والمؤسف في هذه القصة الخيالية شراكة هذه الأسرة في عمق جرح ممدوح أكثر, والتي أيقظها موظف الأحوال فجأة؛ وبالرغم أن قضية مطالبته بالنسب الحقيقي وصلت للشرع، وتم إصدار حكم لصالحه لكنه رفضه لأنه ينص على (استلامه بالقوة الجبرية).. فإنني أطرح تساؤلين مهمين وهما:
1 - لماذا تغافل القضاء عن دور الأسرة من حيث استقبال طفل مجهول الأب، ومعلوم الأم حتى بلغ 6 سنوات ثم قامت بالتخلي عنه بين ليلة وضحاها؟.. لأن هذا التسامح سيشجع ذوي النفوس الضعيفة في تكرارها، والاستهانة بمصير كثير من الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة؟!.
2 - ولماذا استهان بنسب طفل لأب ليس بوالده؟.. وسكت الأب عن ذلك لسنوات!، ونتيجة لاستيقاظ حسه الأبوي فجأة، تخلى عنه بسهولة, ولم يحاول حتى تسليمه بالطريقة الإنسانية والنظامية للجهات المسؤولة؟.. وإن كان البرنامج بالتعاون مع فرع الوزارة في منطقة مكة ساهم في استخراج هوية ممدوح، ليتم المحافظة على حقوقه التي تمنحها الوزارة للأيتام بشكل مستمر ومتطور، إلا أن هذه الدراما المؤلمة تحتاج لأبطال للحد من تكرارها، أبطال مثل (وزير الشئون الاجتماعية، ووزير العدل) وذلك لسنّ العقوبات لإيقاف من يستهين بمصير الطفولة وما تقدمه من صدمات للبشر والوطن.