د. صالح بن سعد اللحيدان
تتسم ولا جرم كثير من الأطروحات المعاصرة بما يتسم به كثير من المحاضرين وبعض العلماء والمثقفين بشيء من العجلة من اجل الوصول إلى النتيجة دون مراعاة إلى ما يجب أن يدركه السامع أو يطالعه القارئ .
وإنما الديدن كما ذكرت أنفاً وهذا يعطل شيئاً من مدارك العقل .
ونما إلى علمي أن هذا قد يكون من خلال المحاضرات في بعض الجامعات وكذلك الدراسات العلياء مما يحدو بالطلاب النابهين إلى العودة إلى المطولات وهذا يأخذ وقتاً لعله يفيد من جهة ولا يجدي من جهة أخرى .
ولعل من نافلة القول أن كثيرا من المجامع العلمية وكذلك الهيئات تحذو الحذو ذاته دون تأصيل لمسائل العلم للوصول إلى النتيجة وحسم الخلاف بجديد غير مكرر تقف أمامه العقول لا تنشد سواه .
ولعلي لا أعدو القول ولا أجد الملامة إذا قلت أن التكرار بأساليب متنوعة ومفردات متغيره هي هي لكن المعنى ليس بذاك .
والعلماء والمثقفون وأهل صناعة النقد والدراسات العلمية إذا كانوا يتابعون ما ينشدونه من كل هذا فإنهم إنما يطلبون ويسعون إليه هي الإضافات تلك التي لا يجدونها في مطولات الأسفار ولا في الفروع من وجه قريب .
ناهيك عن الرسائل المختصرة للعلماء السابقين منذ أقدم العهود .
والذي لاحظته أن أكثر ما يقع من الخطأ دون قصد هو فيما يلي
أولا : عدم تأصيل حقيقة الأسماء المشتركة بين عالم وعالم
ثانيا : عدم تأصيل حقيقة الكنى والألقاب وما ترمي إليه
ثالثا : قلة التثبت من حقيقة دلالة الأحكام على النوازل والمستجدات
رابعا : وكبار علماء الحديث الأقدمين أصلوا حقيقة الأسماء والكنى والألقاب ونسبة كل اثر وحديث ورأي إلى قائله بدقة من قول أكيد
وهذا ما صنعه شعبه بن الحجاج وقتيبة بن سعيد بن جميل ومجمد بن المثنى وشعبه بن عمر وهذا ما فعله كذلك ابن ماجه ومن قبل أبو زرعه وأبو حاتم الرازيان
وأيضا هو ما أجاد فيه المازري وبن الجوزي والنووي خاصة في شرحه لصحيح مسلم ونجد هذا دون نكير عند الرامهرمزي وبن فرحون وبن تغري بردي ونجد عند القشلقندي وكذلك أصله بواسع من قول جليل عبدالرحمن بن مهدي والدار قطني والذهبي الإمام الجليل وهو من صنعه السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه وهو ما المح له الفراء وابن جنئ وابن مسكويه
وهذا الرابع اعني به أن من سامر كتبهم واستشف طريقتهم سوف ينبه عقله بسابقة من جلائل الطرح المتين ولست اعني هنا التقليد لهؤلاء الكبار رحمهم الله لكن قصدت الاستفادة منهم حيال تقعيد المسائل ومعرفة حقيقة كل اثر وصاحبه سواء من كنية أو اسم أو لقب
ويسعني القول كما وسع غيري من العلماء المتخصصين في علم الحديث وطبقات أحوال الرواة والجرح والتعديل يسعني القول ولا محيص أن العقول يلقح بعضها بعضا
ومن هذا يتولد التجديد بعيدا عن التكرار والخطاب المباشر والطرح الإنشائي الطويل
ولعلي هنا أبين بعضا من الإبهام في بعض الآثار كذلك الأسماء والكنى والألقاب وان كان هذا جديدا على القراء الكرام إلا انه يعطي فسحة للعقل للتمييز في أمور مبهمات لإرجاع كل شيء لأصله
أولا : جاء في الحديث المشهور عند البخاري وسواه (أن رجلاً من اليهود قال له يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا أنزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً قال (اليوم أكلمت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفه يوم الجمعة
والرجل المبهم في المتن (وكعب الإبحار)
ثانيا : حديث انه صلي الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل فقال: إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا ؟ قال جهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا ؟ قال حج مبرور
والسائل هو أبو ذر الغفاري جند أبو جنادة وهذا الذي يظهر لي من خلال الإطلاع
ثالثا :أبو أسامه هذا من الأفراد من كبار التابعين ثقة ثبت واسمه زيد بن اسلم القرشي مولى عمر بن الخطاب روى عن جماعة من الصحابة
رابعا : بهز بن حكيم وهذا اسم متداول في كتب الآثار والأدب وهو ثقة وإنما هو بهز بن حكين بن معاوية بن حيده
خامسا : أبو الزناد ولا يكاد يعرف إلا بهذه الكنية واشتهر بها بين كبار العلماء خلال القرون وإنما اسمه عبدالله بن ذكوان السمان ثقة ثبت حجه
سادسا: الأعرج وهذا الوصف مشهور عند الأئمة في مطولات شروح الحديث والتراجم والسير وكتب الأدب وإنما اسمه عبدالرحمن ابن هرمز ويكنى بأبي داوود
سابعا : بن اليمان وهو حذيفة بن اليمان صحابي جليل كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإنما اسمه الصحيح حذيفة بن حسل أو حسيل وإنما لقب باليمان لأنه سكن عند اليمانية بيثرب في الجاهلية وكان عاقلاً حكيماً فلقب باليمان
واليمانية هنا إنما هو حي من أحياء المدينة
ثامنا : ابن أبي فديك اسمه إسماعيل بن محمد بن إسماعيل من كبار العلماء الرواة وله باعٌ جليل في الدراية
تاسعا : الأعمش هذا وصف لعالم كبير جمع بين علم الرواية والدراية والأدب والنقد وهو عراقي ثقة ثبت وإنما اسمه سليمان بن مهران
عاشرا : أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر في الشؤون السياسية والأمنية والإدارة وهذا الرجل هو الصحابي الجليل سواد بن غزية
الحادي عشر : انتشر بين العلماء والمثقفين وأهل التحقيق كلمة ( المراسيل )
والحديث المرسل هو ما سقط من آخر إسناده راو غير الصحابي ويعتبر الإرسال عند العلماء من الأحاديث الضعيفة حتى يتم وصله بسلسلة متصلة لا إرسال فيه ولا انقطاع ومن باب الفائدة العامة أبين شيئا جديداً لعله متناثر في المطولات وكتب الفروع عند عامة العلماء والمحققين أبين هنا أنواع المراسيل
أولا : من أهل المدينة سعيد بن المسيب ( بكسر الياء )
ثانيا : من أهل مكة عطاء بن رباح
ثالثا : من أهل مصر سعيد بن أبي هلال
رابعا : من أهل الشام مكحول الشامي
خامسا : من أهل البصرة الحسن البصري
سادسا : من أهل الكوفة إبراهيم بن يزيد النخعي
وأصحها في ما نظرت وحققت هي مراسيل (سعيد بن المسيب) فهو ثقة ثبت أمام رأى جملة من الصحابة ولازم أبا هريرة وتزوج ابنته
وهذه فائدة لعلها تجدي في بابها وان كان هذا بابها لكنني أردت إفرادها وهي :
العرب هذا اسم جنس وصفي قديم ونما سوا بهذا لان ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام نشأ بعربة وهي (تهامة) فنسبوا إلى بلدهم
وكل من سكن بلاد العرب ونطق باللغة بلسانهم فهو من العرب
وقال الأزهري إنهم سموا عرباً باسم بلدهم العربات
هذا ما قاله العيني في العمدة ج 1 ص 190 /191
وليست الأعراب جماعه العرب كما كانت الأنباط جمعاً للنبط وهذا الذي يحسن أن يكون فلا يجوز الخلط بين العرب والأعراب فلكل معنى يستقيم بذاته لا يختلط هذا بذاك.