محمد بن عيسى الكنعان
ماذا حل بالعراق العظيم بعد المغامرة الحمقى التي قام بها نظام صدام حسين؟ وعدوانه الغاشم على دولة الكويت عام 1990م، وما جرّ ذلك من تداعيات سلبية انتهت بسقوط بغداد عام 2003م على يد الجيش الأمريكي،
ومن ثم تحول سيادة العراق لصالح الإيرانيين. وإلى ماذا انتهت الحال بسوريا عندما رفض المجرم بشار كل أصوات الحكمة ونداءات العقل للتعامل الواعي والإصلاحي مع شعبه؟ قبل أن تتحول مطالبه البسيطة إلى ثورة شعبية عامة، ففتح أبواب الشر والإرهاب على الشعب السوري لصالح إيران وحزب الشيطان وميليشيات الحقد الشيعي، وتالياً الروس الحاقدين. فحل الدمار والقتل بشام الحضارة الإسلامية. وماذا فعل المخلوع علي عبدالله صالح باليمن السعيد؟ عندما غدر بشعبه، وتنكر للخليجيين، وتحالف مع الحركة الحوثية، التي عملت على تسليم اليمن لإيران لولا لطف الله، الذي قيّض لليمن وأهله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)؛ فكان قراره التاريخي بعاصفة الحزم، التي قلعت كل أطناب المشروع الصفوي من أرض اليمن.
وكيف حال ليبيا بعد أن حكمها القذافي بالحديد والنار؟ ثم مزقها بين دويلات قبلية وإمارات دينية متشددة، وجيوش مرتزقة، فضاعت بين حكومتين وبرلمانين تحت رعاية (الناتو)، الذي يرقب النفط الليبي يتدفق لدوله، بينما يعيش الإنسان الليبي حياة البؤس. أما مصر فقد سلمها الله من مصير الدول السابقة، لأن المؤسسة العسكرية ضحت بالرئيس لصالح الوطن وعدم الانجرار إلى حرب أهلية.
هذه أبرز النظم العسكرية العلمانية العربية، التي حكمت قرابة القرن بعد رحيل الاستعمار الغربي، وسقوط أنظمتها الملكية أو الوراثية، التي كانت تحكم دولها كما في العراق، ومصر وغيرها، فهل كانت هذه النظم العسكرية خيراً من النظم التي سبقتها؟ قطعاً لا؛ لثلاثة أسباب: الأول هي النتائج الكارثية، التي حلت بدول الأنظمة العسكرية بعد أن عصفتها ما تسمى ثورات الربيع العربي وتحديداً العراق وسوريا واليمن. فتلك الأنظمة لم تستوعب تلك الثورات بحيث تجنب البلد شرورها، أو تحيدها، أو تقضي عليها بدون أن تمارس أساليب التدمير والتقتيل والاعتقال والنفي، إنما صارت تلك الأنظمة عامل الهدم الرئيس في إشاعة (الفوضى الخلاقة)، التي تعبر عن تلك الثورات، بقتل الإنسان ودمار العمران وتمزق الوطن. السبب الثاني؛ أن الأنظمة العسكرية لم تحقق التنمية المطلوبة رغم الموارد التي تملكها، وتطبيقها النهج الديمقراطي الذي تدعيه، سواءً على مستوى البنية التحتية أو حياة الإنسان المواطن ورفاهيته، إنما جعلت همها هو الجانب الأمني، وفرض القوة العسكرية، والتزوير الانتخابي؛ لحماية نظامها على حساب نمو الوطن وأمن المواطن. السبب الثالث؛ أن الأحداث الساخنة التي تمر بها المنطقة العربية أثبتت أن الأنظمة الملكية أو الوراثية أكثراً أمناً دون دماء، وأكثر استقراراً دون شقاء، وأكثر عطاءً في جانبها التنموي من الأنظمة العسكرية، وأكثر تماسكاً في نسجيها الاجتماعي. وأكثر التحاماً مع نظامها السياسي.
حال المفاضلة بين الأنظمة العسكرية أو الأنظمة الوراثية والملكية، يعكس في جانبها الآخر الأولوية في نهضة الشعوب العربية بين التنمية والديمقراطية. بين هذا وذاك أثبتت الأنظمة الملكية والوراثية أنها نجحت في التنمية، بينما الأنظمة العربية جنت على الأمة العربية بالفساد والدمار وتمزيق الأوطان كما في العراق وسوريا.