سلمان بن محمد العُمري
بدعوة كريمة من معالي مدير جامعة حائل الأستاذ الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم، شرفت بحضور ورشة العمل التي نظّمتها الأمانة العامة لكراسي البحث والوقف العلمي ممثلة بكرسي محمد بن نايف للدراسات الأمنية، وكانت تحت عنوان: «اللقاء العلمي الأول لمشرفي الكراسي الأمنية في المملكة العربية السعودية».
وحظيت برعاية وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة حائل وبحضور كوكبة من المشرفين على الكراسي الأمنية في جامعات المملكة، ونخبة من المختصين وأهل الرأي في مجالات الأمن الفكري.
وقد أجمع المشاركون على الخطوات المباركة التي تقوم بها الجامعة في مختلف المجالات التي تخدم المجتمع، ومن ذلك تشييدها لفندق يعد من الواجهات الحضارية للمنطقة، بل والسعي لتوظيف خريجي الجامعة وبعض الطلبة الدارسين فيها للعمل فيه. وهذا جزء من اهتمام الجامعة في الشباب، وهو ما يستحق أن يفرد له موضوع مستقل، وسأسلّط في مقالتي هذه الضوء على بعض من جهود الجامعة بقيادة ربانها الماهر د. خليل البراهيم في تحقيق الأمن الفكري في المنطقة، وهي جهود تُذكر وتُشكر. والأمن لا مساومة عليه، ولا يستطيع أحد العيش بدونه، ولهذا امتنَّ الله على قريش بالأمن والإطعام، فقال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}. ذلك أن الخائفين لا يستطيعون أن يأدوا العبادة بطمأنينة فضلاً عن غيرها، ولذا أُمروا أن يأخذ حذرهم وأسلحتهم أثناء صلاتهم كما في قوله تعالى: {وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}. فإذا ذهب الخوف وحل محلّه الأمن والطمأنينة تركوا صلاة الخوف، التي لها صفة خاصة، وصلوا صلاة المطمئن الآمن. قال الله تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}.
ومن أهم المهمات أن يستشعر الشباب أهمية أمن وطنهم، الذي هو مهبط الوحي، ومأرز الإيمان، وبلد التوحيد، المملكة العربية السعودية، فيدافعوا عنه، ولا يكونوا أدوات لأعدائه.
ومتى أعطي الشباب الثقة، وحسن التعامل معهم، وأُشعروا بالمسؤولية، وهم أهل لذلك، لأنهم يحبون دينهم ووطنهم وقادتهم، فإن النتائج تكون طيبة، ودور الجامعات في خدمة الشباب والمجتمع دور محوري، فهي التي تقود المجتمع، وتصنع الفكر، وتحاور الشباب، وتخرج الأجيال. وجامعة حائل ممثلة بمديرها، قامت بجهد كبير في هذا الجانب، وعنيت به عناية فائقة.
فأولاً: أنشأت إدارة للأمن الفكري، وفعلت دورها بشكل ملموس ومشاهد، سواء في الحوارات والنقاشات والندوات التي تقوم بها خدمة للمجتمع في المدارس وغيرها في مدينة حائل ومحافظاتها ومراكزها، أو في الجامعة نفسها مع طلابها وطالباتها في ندوات حوارية يشترك فيها الشرعيون والنفسيون والاجتماعيون.
وثانياً: من خلال تأليف كتاب صغير الحجم تضمّن معاني كبيرة، كالتحذير من الأسس التي تقوم عليها الفتن، وكشف أهم شبهات أهل الضلال التي يروجونها، وبيان حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبراءتها من حركات الغلو والعنف وتوزيعه على الطلاب ليقام عليه ورش عمل، ونقاشات حوارية.
وثالثاً: من توكيده في لقاءاته بأعضاء هيئة التدريس في جامعته، وحثهم على بناء التفكير الناقد للطلاب، المؤدي للتحليل والاستنتاج، وبناء الشخصية الإيجابية.
ومن اهتمامه بموضوع الأمن الفكري، تكوين وفد من جامعته برئاسته ليزور سجن الحائر، ومسؤوليه، للاطلاع عن كثب ما الذي أوقع بعض الشباب في الفكر المنحرف الذي يضرهم ويضر بلدهم، والاطلاع على الدروس والمحاورات والمناصحات التي تقام لهم. وهذه رسالة منه للأساتذة الذين صحبوه وغيرهم، ليقول لهم هذا التحصين، والدروس العلمية المنهجية هو دوركم، ودور الجامعات، وحسب رجال الأمن - وفقهم الله - أن يقوموا بواجباتهم العظيمة.
إن مشاركتنا في الورشة العلمية أتاحت لنا الاطلاع على بعض الأعمال الجليلة المباركة التي تضطلع بها هذه الجامعة الناشئة، والتعرف على الرجال الأخيار الذين يعملون بها بكل صدق وتفاعل في برامج خدمة المجتمع عموماً والأمن الفكري على وجه الخصوص وعلى رأسهم معالي مدير الأخلاق العالية د. خليل البراهيم وزملائه الأكارم، وأخص منهم د. عثمان العامر، ود. أحمد الرضيمان، ود. خالد الحربي، وغيرهم من الأساتذة الفضلاء. ولي وقفات أخرى مع جامعة حائل ورجالها.