سلمان بن محمد العُمري
أتابع كما يتابع الجميع وبكل تقدير خطوات التطوير التي تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية في جميع مرافقها وخدماتها التي تقدّم للمجتمع، ولا أبالغ أن ما قدمته الوزارة في أشهر مضت كنّا نتمنّاه من عقود، ومعظم الوكالات في هذه الوزارة أصبحت تتنافس فيما بينها أيها تقدم خدمة متميزة للمجتمع، ورأينا على سبيل المثال تطوراً في آليات البحث عن أحقية المستفيدين من الضمان وتيسير إجراءات الصرف، وفي مجال رعاية المعاقين أصبحت الخدمات متيسرة وعبر الحاسب الآلي، ولا يحتاج المستفيدون وذووهم إلى المعاناة والمراجعات بين الوزارات والفروع وكل هذه الخدمات وغيرها شملها التغيير والتطوير للأفضل؛ ولكن هناك خدمات أخرى تستحق الذكر والشكر لأنها نقلة نوعية قياساً بما مضى ألا وهي الخدمات الجديدة في مجال إنشاء المؤسسات الجمعيات الخيرية الأهلية بمختلف تخصصاتها الخدمية، وقد ابتدأت الوزارة سلسلة الخدمات بإصدار النظام الجديد، ولائحة الجمعيات والمؤسسات ومع صدور هذه اللائحة وأبرز ما يميّزها سهولة الإجراءات وعدم تعقيدها وسرعة إصدار الرخصة (60 يوماً) من تاريخ الطلب. وكل هذا الجهد المشكور من الوزارة يترجم بلاشك اهتمام الدولة بتنمية هذا القطاع الحيوي المساند، وينظّم عمل الجمعيات الخيرية القائمة سابقاً أم ما سيصدر من جمعيات جديدة. وسمعنا وقرأنا ولله الحمد العديد من الجمعيات التي تم الإعلان عن إنشائها بعد صدور اللائحة والنظام الجديد لهذا القطاع الذي سيكون من شأنه بإذن الله خدمة المجتمع. وأصبح بمقدور ( عشرة أشخاص ) يملكون الأهلية بتأسيس جمعية وترخيص الصناديق العائلية.
والميزة الجديدة لأنظمة الوزارة ولوائحها الحديثة أنها مرنة وليست نهائية حيث أنشأت الوزارة على موقعها الالكتروني خانة تفاعلية لتلقّي ملحوظات الجمهور من المهتمّين في العمل الخيري من باحثين وأكاديميين ومختصين، وقد لقي الموقع تفاعلاً وصدى إيجابيا، وبالفعل تم تقديم الملحوظات لجهة الاختصاص ووعدت بدراستها وتعديل ما تراه مناسباً وبكل تأكيد هناك ثغرات وملحوظات على الأنظمة ولم تكابر الوزارة أو تمانع في تلقّي ما لدى الآخرين من مواد كاملة أو سياق لغوي أو قانوني، وهذا سيكون خير داعم للرؤية نحو التحول من الرعوية إلى التنمية وإلى تفعيل ثقافة العمل التطوعي بين أفراد المجتمع، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وعرض هذه الأنظمة على القائمين على العمل الخيري والاستنارة بآرائهم سيحقّق المزيد من التطور.
إن من الأنظمة الجديدة واللوائح التي تصب ضمن الأهداف التنموية والاجتماعية التي تسهم في تنظيم العمل الأهلي الخيري وتطويره وحمايته وزيادة منفعته والمساهمة الوطنية ومشاركة المواطن مشروع الصناديق العائلية وتنظيمها، وقد طرحت الوزارة هذه اللائحة للنقاش عبر بوابتها الالكترونية وأتاحت للمهتمين والمختصين المشاركة في صنع القرار الخاص باللائحة التي سمح النظام الجديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية بتأسيسها وتنظيمها، وكل ذلك، كما أشرت آنفاً يهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية.
ولقد كنت ولله الحمد وفي هذه الزاوية وقبل أربعة أعوام كنت طلبت من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تسهم في تنظيم الصناديق العائلية ومساعدتها ودعمها مادياً ومعنوياً، وأشرت إلى أنّه من الظواهر الحميدة في بلادنا وبعض البلدان الشقيقة المجاورة ظاهرة الصناديق الخيرية الأسرية التي تنشئها الأسرة وهي سنة حميدة تزيد من الترابط الأسري والتلاحم وتزيد من البناء لحمة وقوة وتحاباً ويتحقق من خلالها التواصل وصلة الرحم وذوي القربى بالمعروف، وهو ما أمر به ديننا الحنيف كما أنها تندرج في سياق الشراكة المجتمعية للمواطنين من خلال التكافل الاجتماعي.
وذكرت فيما سبق أن بعض الأسر لديها خبرة تراكمية تزيد على الأربعين عاماً والبعض حديث النشأة، وبدأت هذه الصناديق بمبالغ يسيرة وأصبحت الآن تزخر بالملايين وبالعديد من المشاريع القائمة، وسعى القائمون عليها على إعداد تنظيمات سبقت إجراءات وتنظيمات وزارة الشؤون الاجتماعية واستخدمت البرامج الحاسوبية، وقيام الوزارة بالخطوة الإيجابية والمبادرة الطيبة باستقصاء آراء المختصين والمهتمين والاستماع إليهم سيثمر بكل تأكيد في إثراء العمل الخيري وتنظيمه والبعد به عن الاجتهادات الفردية.
وأعود لما سبق أن أكّدت عليه قبل عدّة أعوام بأنّ مساهمة وزارة الشؤون الاجتماعية في تنظيم هذه الصناديق سيضفي عليها المزيد من التنظيم مع التأكيد على أن يكون للوزارة دور إيجابي فعّال في تفعيل هذه الصناديق من خلال تقديم مساعدات استشارية وتنظيمية ومساعدات مالية لبعض الأسر غير الميسورة وضم من يتم ترشيحهم من الأسر ضمن المستفيدين من الضمان الاجتماعي، واستقبال الفائض من الصناديق إلى الجمعيات الخيرية، وهذا أمر (مستحيل) .
لقد أثبتت هذه الصناديق فعاليّتها في بعض المجتمعات ورأينا ثمارها في تبنّي الموهوبين والمبدعين من أبناء الأسر والتشجيع العلمي والأدبي، وتشجيع حفظة كتاب الله الكريم، ومعالجة غير الأسوياء والسفهاء والأخذ على أيديهم، وأشياء كثيرة تستحق الذكر وتنتظر المزيد، وممّا لاشكّ فيه أنّ الصناديق العائلية ليست سواء لا من حيث الميزانيات ولا من حيث التنظيم والإشراف، ومن الأهمية بمكان فإنه لا بد أن تهيّئ الوزارة مجموعة من اللوائح والأنظمة الجاهزة لبعض الصناديق العائلية التي تفتقد لذلك ودعم من يحتاج منها بالاستشارات، ووجود خطوط هاتفية، واستشارات شرعية وقانونية واجتماعية، وكذلك الدعم المادي، وليس بالضرورة الأموال للصناديق بل تقدّم الصناديق من يحتاج من أبنائها لصناديق الضمان.