ناهد باشطح
فاصلة:
((كان خلقه القرآن))
- عائشة رضي الله عنها في وصفها للرسول عليه الصلاة-
تعيش كثير من المجتمعات في بقاع الأرض بلا دين لكنها لا تستطيع أن تعيش بلا أخلاق فهي أحد أشكال الوعي الإنساني. والمجتمع لا يمكن أن يبنى دون مجموعة من القيم يرتكز عليها، هذه القيم تنبع من داخله من احتياجات الأفراد للتعايش فيما بينهم.
وهذه هي نظرية (امانويل كانت) صاحب النظرية الطبيعية في القانون التي تدل على وجود الأخلاق والقانون كحاجة إنسانية فطرية منذ الأزل أي قبل ظهور الأديان على وجه الأرض.
الأخلاق والقيم موجودة منذ أن أصبح الإنسان يعيش في مجموعات إنسانية مرتبطة بما أسماه «جان جاك روسو»: «العقد الاجتماعي»، وكذلك «امانويل كانت» صاحب النظرية الطبيعية في القانون التي تؤكد حاجة الإنسان الفطرية في المجتمع قبل وجود الأديان.
هناك علاقة بين الدين والأخلاق لكنها ليست كما يفهمها البعض، فللدين دور كبير في تعزيز الأخلاق، لكنه أبداً لا يستطيع أن يضمن تبنّي الأفراد لها، ولذلك نلاحظ أن هناك من يكون متمسكاً بالدين في العبادات لكنه يتجاوز الأخلاق والقيم لمصلحته الشخصية، الدين أتى ليعزز وجود الأخلاق في المجتمعات الإنسانية ولذلك في الحديث قول أشرف الخلق «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
فالعرب وإن كانوا في جاهلية من الدين فقد كانت لديهم قيم أخلاقية متفقين عليها لتنظيم مجتمعهم.
الدين يعطي الإنسان وصايا عامة لصلاح حياته وآخرته، أما الأخلاق فتمنح الفرد تفاصيل هذه الوصايا.
يقول لك الإسلام لا تكذب لكن الأخلاق هي التي تجعلك لا تكذب أو تتحايل وتقول كذبة بيضاء التزاماً بالدين.
والدين يقول لك لا تسرق لكن الأخلاق هي التي تجعلك لا تسرق أو تقنعنك خطأ بأن هذا الشيء إنما هو حقك المسلوب من أيّ كان.
الدين في منهاجنا هو الأساس وهو الإطار العام والالتزام بتعاليمه لا يعني العبادات فقط وإنما المعاملات التي هي الأخلاق.
ولذلك أشار «حسين الرواشدة» في مقالته «لا معنى للدين بلا أخلاق» بأنه من بين (6236) آية، هي عدد آيات القرآن الكريم، لا يوجد سوى (634) آية، حسب ابن عربي، أو 500 آية حسب الغزالي تتحدث عن الأحكام التي تشرع للعبادات والمعاملات، بينما تتعلق الآيات الأخرى كلها بموضوع الأخلاق.
التدين ليس كافياً للتعامل بالأخلاق الفاضلة لدى البعض، لكنه كاف لأولئك الذين اتخذوا من الدين معززاً للأخلاق الفاضلة.