د.عبدالعزيز العمر
عنوان هذه المقالة هو مقولة شهيرة أطلقها المفكر إيفان اليتش الذي رأى أن وجود المدرسة في أي مجتمع هو مؤشر على مرض ذلك المجتمع. وهو لا يقول ذلك انطلاقًا من المسلّمة الاقتصادية التي تقول إنه يجب إغلاق أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع بعد أن يتم استنفاد كل فرص إصلاحها؛ وذلك من أجل إيقاف مزيد من الخسائر المادية. ويُستثنى من هذه المسلّمة المدرسة؛ فهي تستمر في العمل مستنزفة مصادرنا المالية دون أن نفكر في إغلاقها، حتى لو ثبت لنا بالدليل القاطع أنها لا تحقق لمجتمعها أي نوع من المنفعة أو الأرباح. هناك من يرى أن المدرسة هي مؤسسة احتكارية؛ فهي فقط من يقرر لمؤسسات العمل أنك صالح للعمل؛ فما لم تمنحك المدرسة شهادة تزكيك عند أرباب العمل فأنت في عرف المجتمع عاجز عن أن تقدم ما ينفع نفسك ومجتمعك. وفوق ذلك هناك من يرى أن المدرسة قد تكون مصدرًا لفيروسات أخلاقية؛ فقد يتعلم منها الطلاب أحط الأخلاق وأدنى السلوكيات. والأسوأ من ذلك أن المدرسة تفترض أنك لا تستطيع أن تتعلم بنفسك؛ فأنت لن تتعلم إلا في ظل توجيهاتها، وفي الوقت الصباحي فقط الذي تحدده لك. أسوأ ما في المدرسة بصورتها الحالية أنها تتجاهل ملكات ومهارات حياتية مفصلية، مثل مهارة التحليل والتخيُّل والتفكير والإبداع.. فهي تنظر لطلابها على أنهم فقط سلال، أو دلاء فارغة، مطلوب منها تعبئتها. وهي تركز على الشهادات ومنح الدرجات التي تحقق للطالب وظيفة مكتبية في دواوين الحكومة، وتتجاهل - أي المدرسة - في المقابل أن التعليم في الحقيقة هو إيقاظ لملكات وقوى في أعماق الطالب، وُلدت معه، وعليها أن تستخرج هذه القوى الكامنة بداخله.