د.عبدالعزيز العمر
الأصل والطبيعي أن يسير التعليم في أي مكان في الدنيا باتجاه الضعف والتخلف ما لم تتدخل قوة نوعية توقف هذا التخلف، فالتعليم سيبقى متخلفاً إلى الإبد طالما استمر تحقق شرط غياب إيمان واعتقاد صانعي القرار التعليمي الوطني بأولوية التعليم وأهميته القصوى في صناعة التنمية الوطنية. هذا هو الشرط الأول لتخلف التعليم.. وعندما أخلت كوريا الجنوبية (مثلاً) بهذا الشرط انطلقت شرارة التعليم الكوري العظيم الذي أحدث تلك الثورة التنموية المهولة في هذا البلد. تأتي بعد ذلك شروط أخرى تسهم في تخلف التعليم، يأتي في مقدمتها شرط غياب الدعم السياسي للتعليم، فالتعليم في أي مكان في هذا العالم يبقى دائماً منظومة صغيرة تسيره وتوجهه منظومة وطنية كبرى طبقاً لأجندة تراها تلك المنظومة الكبيرة، وما لم يصلح حال تلك المنظومة الكبرى فلن يصلح حال التعليم بطبيعة الحال. ولكن دعونا نتوقف هنا ونسأل: هل حصل تعليمنا على دعم سياسي كافٍ؟ الإجابة في اعتقادي هي (نعم) كبيرة. فخلال العقدين الماضيين كانت القيادة السياسية جادة في البحث عن قيادة تعليمية متميزة ومتمكنة، وفوق ذلك خصصت قيادتنا السياسية لتعليمنا دعماً مالياً يسيل له لعاب أي نظام تعليمي في الدنيا، كما قامت القيادة بتبني مشروع تطويري تعليمي وطني عظيم حمل اسمها، وقدمت له دعماً سخياً. لكن توفر المال التعليمي لا يعني بالضرورة أنه سوف يُنفق بأفضل كفاءة ممكنة، خصوصاً في ظل غياب المساءلة والمحاسبة على الأداء، وبناءً عليه فإن غياب مساءلة ومحاسبة قيادات التعليم وجميع منسوبيه على مستوى جودة الأداء يعد شرطاً آخر مهماً لتحقق تخلف التعليم.