جاسر عبدالعزيز الجاسر
تكمل اليوم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لجمهورية مصر العربية يومها الخامس الذي يشكل ختامها بعد أن حققت الكثير للسعوديين والمصريين معاً، بل تجاوز ذلك إلى الأمة العربية جمعاء لما تمثله العلاقات السعودية المصرية من قوة للعرب جميعاً الذين يدركون أن كلما اتفقت الرياض والقاهرة انعكس ذلك إيجابياً على العرب جميعاً، ولهذا فلا يستغرب كل هذه المتابعة لزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز وتفاصيلها، وقد توقف المتابعون، ومنهم الكتاب المفكرون والباحثون في مراكز الرصد الإستراتيجي والسياسي أمام ضخامة الاتفاقيات السبع عشرة التي وقعت بين البلدين والتي رسخت الشراكة الاستراتيجية المتميزة بين مصر والسعودية.
الاتفاقيات السبع عشرة التي وقعت بين الرياض والقاهرة، شملت تقريباً جميع المواضيع والقطاعات منها التعليمية والثقافية والتنموية والاقتصادية والاعلامية.
هذه الاتفاقيات التي تظهر المدى الكبير الذي وصلت إليه مستويات التعاون بين البلدين، وكان لافتاً توقيع مذكرة تفاهم في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، حيث ستخضع جميع ما وقع من اتفاقيات لمراقبة ومتابعة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة وهيئة الرقابة الإدارية في مصر حتى يتم تحصين العمل المشترك وإبعاده عن أي شبهة فساد.
كما اهتم المتابعون بتوقيع البلدين لاتفاقية تعيين الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية هذه الاتفاقية المهمة التي حددت ورسمت بدقة الحدود البحرية بين البلدين التي تتداخل فيها الجزر السعودية والجزر المصرية في البحر الأحمر، وقد استندت الاتفاقية على الوثائق التاريخية التي تمتلكها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية لهذه الجزر، ومع أن العديد من هذه الجزر الموثقة تاريخياً وقانونياً بتبعيتها للمملكة العربية السعودية، ويعرف ذلك تماماً القانونيون وخبراء الجغرافيا السياسية في مصر، إلا أن البعض وبالذات ممن لهم علاقة بالإخوان المسلمين أثاروا لغطاً حول ملكية جزيرتين كانتا المملكة العربية السعودية قد سمحت للقوات المسلحة المصرية الاستفادة منها لإشرافها على ممرات إستراتيجية في الذراع الشرقي لشبه جزيرة سيناء الموصل إلى خليج العقبة، وبعد نكسة عام 1967 استولت القوات الإسرائيلية على هذه الجزر التي أعيدت إلى مصر بعد اتفاقيات كمب ديفيد، ولم يحدث أي إشكالات أو خلافات بين البلدين إذ يعرف كل من له علاقة بالأمر بملكية وتبعية الجزر المذكورة للمملكة، وبما أن الوضع القانوني والجغرافي لابد أن يتحدد في تثبيت وترسيم الحدود البحرية بين البلدين تم تثبيت ملكية كل طرف للجزر الموجودة في البحر الأحمر وتحديد النطاق الاقتصادي لكل منهما، وهذا سيساعد كثيراً في تنمية واستثمار تلك الجزر لصالح البلدين.
أما من يزايد إلى حد الزعم بأن مصر قد فرطت في أرضها مقابل المساعدات السعودية فهو قول لا يصدر إلا عن جاهل وحاقد ولا يريد الخير للبلدين، فكيف تفرط مصر في جزر هي لا تمتلكها، وأنها استفادت منها لدعم وضعها العسكري إبان حرب الممرات البحرية عام 1967 وهو مؤكد قانونياً وتاريخياً.
زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، وما حفلت به من إضافات وتعزيز بنيوي للعمل العربي المشترك كشفت ادعاءات الإخوان المسلمين والمرتبطين بهم وأظهرت زيف أقوالهم وفضحت أعمالهم ومواقفهم المعادية للسعودية ومصر معاً.