أ. د.عثمان بن صالح العامر
من قرأ عن الفوضى الخلاقة، واطلع على شيء مما عقد الغرب العزم عليه في الخفاء، بل شرع في تنفيذه على أرض الواقع، فبدأ يهدم عالمنا العربي دولة دولة.. من كان هذا حاله ورزقه الله بصراً وبصيرة، جزماً سيدرك حجم التحديات التي تواجهها حكومة المملكة العربية السعودية اليوم، بقيادة سلمان العزم والحزم الذي استطاع بعون من الله وتوفيق أن يوقف مد مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على إستراتيجية الهدم ثم إعادة البناء.
* لقد كانت الثورات التي نُعتت بالربيع العربي - من قبل المنظّر الغربي أولاً ونحن له تبع - مرحلة أساسًا من مراحل الهدم المقصود، وكان شباب العالم العربي - للأسف الشديد- هم وقودها، والجماعات الإسلامية السياسية التواقة منها إلى كراسي الحكم خاصة الإخوان المسلمين هم اللاعب الخفي كما تذكر الوثائق وتدلل الشواهد والبراهين، ولم يكن الطابور الخامس بمنأى عن تفاصيل المشهد السياسي الذي طبّل له وزمر مدعياً أن هذا الربيع الشبابي تدشين لمرحلة جديدة متميزة لتاريخنا العربي المتهاوي!!!.
* لقد أدركت الشعوب مع مرور الأيام عمق المأساة وحجم المعاناة، بعد أن ذاقت من الذل والحرمان ألواناً جراء ما طبّلت له بالأمس، وهي لا تعلم حينها حجم الخيانة الوطنية التي ترتكب، ذهبت كرامتها واستحلت بيضتها ومحيت هيبتها وما بقي لها من الوجود إلا اسمها.
* وشاءت إرادة الله عز وجل أن يكون عهد سلمان بن عبد العزيز الذي أدرك بثاقب بصره وعمق بصيرته الخطر الداهم الذي عصف بعالمنا العربي، وصار يطرق بابنا بعد أن أحاط بنا في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية إحاطة السوار بالمعصم.
* فكان أن اختار سندين قويين ذوي عزيمة وإقدام وتوقد وإلهام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد.
* عمد بعد ذلك إلى البيت الخليجي فبدأ بجمع الكلمة والمصالحة مع المصارحة، فكان الالتفاف والتكامل والتعاون من أجل خليج آمن .
* ولخطورة المد الفارسي والإرهابي الداعشي كان رعد الشمال «التحالف الإسلامي العسكري» الذي أذهل العالم وأرجف العدو.
* ولعالم عربي مستقر وقوة إقليمية ضاربة ولقيادة سعودية فاعلة ومؤثرة في أحداث عالمنا المعاصر وتحركاته السياسية والعسكرية ولتوازن إقليمي مهم ومؤثر، ولخلط أوراق الفوضى الخلاقة الطامحة إلى شرق أوسط جديد مفتت أكثر مما كان في معاهدة سايكس بيكو المعروفة كانت الزيارة التاريخية من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه لجمهورية مصر العربية التي وجدت ترحاباً غامراً وحديثاً واسعاً وردود فعل إيجابية على جميع الأصعدة السياسية والدينية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية والإعلامية والشعبية الداخلية والخارجية المتعطشة لقائد عربي منقذ، مما يبرهن على أهمية هذا الحدث في الإجهاز على ما كان مخططاً له ومعقودًا العزم عليه من قبل القوى الغربية والفارسية والصهيونية التي أرادت بنا شرا.
* إن من الواجب على من أراد أن يكتب أو حتى يقول عن هذه الزيارة وغيرها من التحركات السعودية العسكرية أو السياسية الدبلوماسية أن يقرأها أولاً في ظل هذه الرؤية الشمولية المبنية على ما كان في الذهنية الغربية ومن سار في فلكها التي كانت تعتبر المملكة العربية السعودية المحطة الأخيرة للتفتيت، وظنت زوراً وبهتاناً أنها أضحت قاب قوسين أو أدنى من الوصول لما منّت به نفسها ، وهي بصدق كانت كذلك لولا الله ثم سلمان بن عبد العزيز الذي قيّضه الله لحماية المملكة العربية السعودية ولتحقيق اللحمة الخليجية ولتوحيد عالمنا العربي ولاستعادة الأمة الإسلامية شيئاً من هيبتها، بوصفها قوة عالمية جديدة طفت على سطح الأحداث بعد أن لم يكن لها وجود.
فالشكر لله أولاً أن قيض لنا سلمان العزم والحزم، ثم الشكر لقيادتنا القوية الحكيمة، ولجنودنا البواسل، وسياسيينا الأفذاذ، وشعبنا المتراص، وعالمنا العربي المتفائل بوجود سلمان الخير، ولكل وطني مخلص، وعربي وفيّ، ومؤرخ منصف، وكاتب محب، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.