خالد بن حمد المالك
كان في القاهرة، ومنها توجَّه إلى أنقرة، وبعد ذلك إلى اسطنبول، فبحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ينتظم عقد محاربة الإرهاب، ومشاركته في المحافل الدولية يكرِّس نجاح التوجُّهات الخيِّرة للقضاء عليه، وإن غاب تأجل الحل وبالتالي تأخر القرار، بانتظار أن تنعقد الاجتماعات لاحقاً بحضوره، وأن تأتي الحلول مستقبلاً بمباركته ومساندته ودعمه المؤثر، مع أنه لا يغيب، فهو الحاضر أبداً طالما تطلّب الأمر ذلك.
***
في القاهرة، كان له كلمة ورأي، وفيها صدع بما يعبِّر عن موقف مبدئي وصريح لزعيم يُهاب، ولا يَهاب، وكانت زيارته الرسمية لمصر حدثاً مهماً حرَّك المياه الراكدة، ونشَّط ما ينبغي أن يكون فاعلاً في ساحات العمل، والنظر إلى الآفاق المستقبلية الرحبة، فهناك متطلّبات وجهد ينبغي أن تُبذل لتطويق ما تمر به دولنا من تصدُّعات، وقد قال الملك الحكيم في القاهرة ما أجزم بأنه مشروع الحل المنتظر لحالة الفوضى التي نمر بها.
***
سلمان كان هكذا في القاهرة وضوحاً وتصميماً وإرادة وحزماً، لكنه أضاف إلى هذه الصور الجميلة صوراً أخرى باذخة في الجمال والنقاء، بما في ذلك إطلاق المبادرات والرؤى ووجهات النظر التي تنسجم مع أهمية التآخي والتعاون بين دولنا وشعوبنا التي ما فتئ يدعو إليها ضيف القاهرة الكبير، وغير ذلك مما تم الاتفاق عليه مع مصر للتكامل بينها وبين المملكة في المجالات التي تم بحثها بتوقيع الاتفاقيات وترسيم الحدود البحرية وعودة الجزيرتين السعوديتين إلى دفء الوطن الحبيب.
***
يترك سلمان القاهرة حاملاً شهادة الدكتوراه من أعرق جامعاتها، ومعها الانطباع المؤثر من الشعب المصري ورضاه عن الزائر والزيارة، يغادرها إلى أنقرة، زيارة أخرى مهمة لدولة أخرى، وملفات كثيرة يحملها إلى تركيا بموضوعات متعدِّدة غير تلك الملفات التي حملها إلى مصر، لكنَّ هناك قاسماً مشتركاً يجمع بين ما حمله من ملفات إلى القاهرة وتلك التي كانت لأنقرة، هذا القاسم هو حب سلمان لأهله في البلدين الشقيقين، وعلى خطى مشاعر سلمان، هناك حب لا ينتهي، وعواطف ليس لها حدود تجمع شعوب هذه الدول بأمتن العلاقات، وأنبل المشاعر.
***
وبين القاهرة وأنقرة وامتداداً للعاصمتين تكتمل الصورة الأجمل في هذه الرحلة الملكية لخادم الحرمين الشريفين، بانتقاله من أنقرة إلى اسطنبول بأعلى وسام تركي، حيث مؤتمر القمة الإسلامي الذي يشكل انعقاده بحضوره منعطفاً تاريخياً مهماً في نجاح هذا الاجتماع، بما لا يمكن أن يكون لدى العالم مثل هذا التوقع لو لم يكن سلمان بن عبد العزيز على رأس حضور المؤتمر الذي شارك فيه إخوانه الملوك والأمراء والقادة في العالم الإسلامي، فحضوره ومشاركته بكلمته التاريخية في المؤتمر إنجاح مبكِّر لما تم من تداولات في قاعة المؤتمر، ولا أستثني تلك المباحثات الجانبية والثنائية التي تمّت بين ممثلي الدول، حيث إنّ أهميتها جاءت من وجود الملك سلمان طرفاً فيها.
***
هي رحلة ملكية غاية في الأهمية، ألقت بظلالها على ما تحقق في هذه المناسبات المهمة، وتلك التي يُنتظر تحقيقها مستقبلاً بحسب البرنامج الزمني المرسوم لها، لتتناغم معاً، وتشكل إيقاعها الجميل معبرة بذلك عن إرادة شعوبنا وقادتنا، في زمن التحديات الكبيرة والخطيرة التي نواجهها الآن، وقد نواجه ما هو أكبر وأخطر منها، لولا هذا الدور الذي يقوم به الملك سلمان مع إخوانه المخلصين من قادة الدول العربية والإسلامية لترتيب البيت العربي والإسلامي بعد أن أسيء إليه بمثل ما نراه الآن.