د. خيرية السقاف
من يحرص على استعادة ما فرّط فيه, فليحفظه قبلا..
جملة تدور في خلد كل حريص, واع لما يفعل, وله خطة تفكير واضحة لخطواته..
أؤمن بها تماماً, وأحسبها قاعدة لكل من يتحكم في أهوائه, ويجاهد نفسه اتقاء عيوبه..
حضرتني هذه القاعدة السلوكية عند علمي بزيارة رئيس أمريكا أمس لنا,
لهذه الدار التي عرفت متى تفتح نافذتها للهواء الصفو, ومتى تغلقها دون غبار الدوامة..!
وقد تخيلت حال كل من دلق الماءَ وهو عبثاً يحاول أن يلملمه..
ومن فتح النافذةَ لحظة عج وهو يحاول أن يتقي آثاره..
ومن فرّطَ في قول ثم طفق يحاول التخلص من وقعه على الآخر..
وذلك الذي وكز فرساً أصيلاً فنبذه آخر المضمار معفراً بالتراب..!
العقلاء لا يغترون بقوتهم إن كانوا..,
ولا يستهينون بقدرات غيرهم وإن لم يروها, أو يعرفوها..
لأن قوة العقل في البشر, تغلب قوة منجَزهم..
فالعقل الذي يُنجز ما يقدّم قوماً للصفوف الأولى بينهم, يقدر أن يتفوّق بإنجاز آخر عند غيرهم..
فلا يعوَّل المغتر بقوته على قوته المادية, فهناك قوة تفاجئه حين يكون المحك الذي يتمايز به قابلاً لأن تتغيّر موازينه, ومضامينه عند التفريط في الثقة بالنفس, وتجاهل قوة العقل عند غيره.
مع هذا, وبعيداً عمَّا يقول الساسة المختصون, فإنني أتوقّع أن عقلاً حكيماً هنا سوف يمد هذا الضيف برحابة لن تعجز عن احتواء ما فرّط فيه هذا الرئيس الزائر دارنا..
العارف بلا شك مقدارنا..
وفي كل الأحوال هذه دار الكرم, والحكمة, واحتواء ما فرّط فيه الآخرون عندما دلقوا الماء, ويسعون أن يلملموه..!