محمد البكر
لا أدري ما هي نتيجة مباراة القمة ليلة البارحة، ولا أعلم من فرح ومن حزن، ولا من ضحك أو بكى.. ولكن الذي أعرفه وأدركه جيدًا هو أن الكبيرين الهلال والأهلي كانا طيلة الموسم في المقدمة، يتقدم أحدهما ثم يلحقه الثاني. تبادل مراكز وتفاوت في المستوى بين مباراة وأخرى أعطيا الدوري السعودي مزيدًا من الجمالية والإثارة والندية. ولهذا فمن فرح البارحة فهو جدير بالفرح، ومن خسر فهو لا يقل قوة أو جدارة عن منافسه. الأهلي تاريخ طويل من الإبداع، عجز عن تحقيق بطولة الدوري لسنوات طويلة، لكنه هذا الموسم قاب قوسين أو أدنى من ذلك الحلم (إن لم يكن قد حسمها فعلاً مساء البارحة). أما الهلال فهو المتمرس على الفوز في مباريات الحسم، وهو الحامل لكؤوس ودروع كل البطولات المحلية والخليجية والعربية والقارية؛ ولهذا إن تمكن من قهر الأهلي في مباراة الأمس فلن يكون ذلك غريبًا عليه، ولا جديدًا في تاريخه، ولا مفاجئًا لعشاقه. الهلال والأهلي هما من يستحقان المنافسة على بطولات هذا الموسم بكل جدارة واستحقاق.
المجزل البطل المتوج
إلى ما قبل صعوده للممتاز بأيام كان هناك من لا ينطق اسم هذا البطل بطريقة صحيحة؛ فالبعض ينطقها بفتح «الزاي»، وآخرون بتشديدها، وهو الأصح، لكن هذا الفريق المكافح فرض نفسه واسمه على كل لسان، وأبرز اسم مدينته «تمير» التي استقت اسمها من واديها الذي تنمو فيه أشجار النخيل وثماره من التمر. وإذا كان تحقيق «المجزل» حلم الصعود أمرًا مفاجئًا للرياضيين فإن تحقيقه بطولة دوري الأولى كان مفاجأة أكبر. لقد أثبت هذا الفريق البطل أنه بالإرادة والكفاح والمثابرة يمكن أن تتحقق الأحلام، حتى لو كانت الموارد المالية شحيحة. فما سمعته أن إدارة الفريق الرائعة حققت هذا الحلم بمبلغ لا يتجاوز ستة ملايين ريال فقط، بينما صرفت أندية أخرى أكثر من 30 مليون ريال دون فائدة. كل الاحترام والتقدير لهذا الفريق البطل ولإدارته المتميزة التي حققت أغلى حلم بأرخص ثمن. وألف مبروك لمدينة «تمير» ولمحافظة المجمعة التي عادت للواجهة من خلال هؤلاء النجوم الأبطال.
فارس الدهناء.. إنها البداية
الاتفاق يملك قواعد جماهيرية في مختلف مناطق المملكة، له عشاق ومحبون، بكوا عندما هوى الفريق للدرجة الأولى، والبارحة عادت الأفراح في حي العدامة الذي يعشقه ويسكنه الصديق «اللدود» نبيل المعجل، ويتغنى به الروائي الكبير د. تركي الحمد، ومن العدامة انتشر الفرح للرياضيين، بمن فيهم أولئك الذين لا يشجعون فارس الدهناء. فالاتفاق مكانه الطبيعي هو المنافسة على بطولة دوري جميل، وليس فقط العودة إليه؛ ولهذا عنونت «إنها البداية».
يستحق الصديق خالد بن عبدالله الدبل وأعضاء مجلس إدارته كافة من رجال الأعمال الشباب التهنئة بالصعود، خاصة أنهم تسلموا النادي في وقت حرج، وكانت التحديات كبيرة، والصعوبات أكبر. أصدقائي الاتفاقيون كثر - والحمد لله -، وعلاقاتي برجاله وأعضاء شرفه قوية ومتميزة، وكم تمنيت أن أبارك لهم واحدًا واحدًا، لكنني وباسمهم أبارك لمن ارتبط اسمه وتاريخه باسم الاتفاق وبطولاته، خاصة أولئك الذين عشت معهم سنوات البطولات المحلية والخارجية، الرئيس السابق عبدالعزيز الدوسري، الرياضي الكبير د. هلال الطويرقي، المدرب الإنسان والصديق العزيز خليل الزياني، رئيس أعضاء الشرف عبدالرحمن الراشد، النجوم أبناء خليفة، والدبيخي وعبدالله صالح وزكي الصالح، وأبناء الدبل والمسحل والمعجل والمطوع ويوسف السيد، وغيرهم الكثير ممن دعموا الاتفاق طيلة عقود، حقق فيها الاتفاق أغلى البطولات.
النهضة قد لا يعود ثانية
بقدر فرحنا بصعود الاتفاق بقدر حزننا وتألمنا لما وصل له النهضة من انهيار. قد لا يحظى هذا المارد بجماهيرية مثلما هو حال جاره الاتفاق، لكنه كان على الدوام حاضرًا بتاريخه. وعندما يبكي رجل وهو في السبعين من عمره على حال النهضة فهذا يعني أن لسقوطه «صدى» و«أنينًا» في حارات الدمام العتيقة.