محمد البكر
تداخلت محاور كثيرة عندما كنت أبحث عن الموضوع الرئيسي الذي اخترته لهذا المقال، وهو «إلى أين تتجه الكرة السعودية!؟». المحاور التي كانت تتقافز أمامي تراوحت بين سقوط الإعلام الرياضي في قبضة بعض المتعصبين، وضعف اتحاد الكرة أمام جبروت الأندية، وكذلك غياب الروح عن لاعبي منتخبنا الوطني، فضلاً عن تخبط لجان الاتحاد، وفوضى التحكيم وضعف الحكام، وتراجع المستوى الفني لفرقنا في دوري القارة، والغرور غير المبرر لبعض اللاعبين ممن يعتقدون أنهم نجوم كبار، بينما هم في الحقيقة نجوم من ورق، وأخيرًا وليس آخرًا عدم وجود مدرب المنتخب في المملكة، وكأنه يدرب بالانتساب.
كل محور من هذه المحاور يحتاج لمساحة كاملة بحجم مساحة هذا المقال؛ ولهذا قلت في البداية إن المحاور قد تداخلت.
أظنكم مثلي قد احترتم في تحديد أي المحاور يأتي أولاً في قضية تدهور الكرة السعودية!!
دعوني أبدأ حسب الترتيب الذي ذكرته.
فسقوط الإعلام في فخ بعض الصحف والبرامج الرياضية التي تبحث فقط عن الإثارة أفرز لنا إعلامًا مريضًا، ينتمي للأندية حتى لو كان ذلك على حساب المنتخبات السعودية.
هذا النهج جر معه جماهير الأندية، وبدلاً من الحماس الكبير الذي كنا نلاحظه على الجماهير في التسعينيات حتى لو كان المنتخب يلعب في خارج المملكة أصبح الجمهور اليوم غير مبال بأي شيء خارج أسوار أنديته وألوان فرقه ونجوم أنديته.
أنديتنا الجماهيرية «الهلال والأهلي والاتحاد والنصر» باتت أقوى من اتحاد اللعبة ومن لجانه ومسؤوليه.
وبدلاً من أن تسير تلك الأندية في فلك الاتحاد، وتصبح جزءًا من استراتيجيته وأهم عنصر من عناصر تحقيق أهدافه المستقبلية، بدلاً من ذلك أصبح الاتحاد بلجانه وأعضائه ويومياته أسرى لتلك الأندية التي تستقوي بجماهيريتها وإعلامها والبرامج التي تتحكم في طرحها.
كل النقاد داخل المملكة وخارجها يعلمون علم اليقين أنه - باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة - لا يوجد لاعب سعودي حاليًا يمكن أن نطلق عليه «نجمًا»، ومع ذلك يتصرف معظم اللاعبين، خاصة أولئك الذين ينتمون للأندية الجماهيرية، وكأن كلاً منهم مثل ميسي أو رونالدو أو غيرهما من أساطير الكرة.
يتصرفون بحماقة، ويشاركون بتعالٍ، ويلعبون بلا روح أو إحساس، مع أن كلاً منهم يقبض أكثر مما يقبضه عالِم أو طبيب أو وزير!!
حتى أنهم لم يعودوا يراعون الذوق العام، ولا المحاذير الشرعية كقصات القزع التي نهى عنها رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
فضلاً عن تلك السماعات التي لا تفارق آذانهم.
إنهم لا يدركون أن ما يقدمونه في الملعب ما هو إلا تلوث كروي، وما يظهرون به أمام الناس ما هو إلا تلوث بصري..
كيف يمكننا إعادة الهيبة لكرتنا السعودية في المحافل القارية والدولية ما دام هؤلاء وأمثالهم هم مَن يمثلوننا؟!!
ما يقال عن منتخباتنا يقال عن أنديتنا المشاركة في البطولات الآسيوية. ولعل نتائج الأسبوع الماضي تؤكد أننا فقدنا هيبتنا، وأضعنا تاريخنا بسبب نجوم الورق الذين يمثلون أنديتنا ومنتخباتنا.
الطامة الكبرى هي في عدم وجود مدرب المنتخب السيد بيرت فان مارفيك في المملكة!! هل سمعتم عن إهانة أكبر من هذه الإهانة!؟ من ريكارد إلى مارفيك، ويا قلب احزن وتألم وانكسر ما دام أن اتحادنا لا يرى في هذا الغياب ما يسيء لنا، ولا يقدر تداعيات ذلك على حسن اختيار قائمة منتخبنا.
لا أرى سببًا واحدًا يجعل اتحادنا يقبل بشرط مهين ومذل ومحبط مثل هذا الشرط الغريب.
أما غالبية حكامنا فأجزم أن الكثير من الجماهير المتابعة للمباريات فيها من يمكنه تقديم مستويات تحكيمية أفضل مما نشاهده.
فالأخطاء التي يرتكبها بعض الحكام لا يرتكبها طالب في المرحلة المتوسطة لو أُتيحت له فرصة التحكيم.
المشكلة أن رئيس اللجنة يقول إنه لا أحد يستطيع تحريك شعرة من رأسه.
«رأسك سالم لكن بلغ السيل الزبى».
بيني وبينكم
- هجر بحاجة لرئيس يستطيع إعادة الفريق للطريق الصحيح بعد أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الهبوط.
- الاستقرار الذي كان ولا يزال عليه النموذجي بقيادة الرائع أحمد الراشد يبشر بأن الموسم القادم سيكون موسمًا غير عادي لهذا الفريق.