رجاء العتيبي
الفتور الدرامي الذي شهدته الساحة خلال السنوات الأربع الماضية, لا ينبغي أن يمر دون أن يتعرض لدراسات وبحوث, ومعرفة الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة, وأقرب جهة يمكن أن تقوم بهذه المهمة هي: هيئة الإذاعة والتلفزيون من خلال إدارة بحوث جادة تعمل من أجل تطوير العمل الدرامي, يتضمن استطلاع رأي عام يشارك فيه كل من له صلة بموضوع الدراما المحلية.
ومن جانب آخر, يتطلب نجاح هيئة الإذاعة والتلفزيون في المجال الدرامي إلى إيجاد مبادرات خلاَّقة تكسر الجمود وتتماهى مع العصر وتعيد الثقة للمنتج المحلي, و(سداسيات الدراما) التي أعلن عنها التلفزيون السعودي مؤخراً تصب في هذا الاتجاه، ولا سيما أنها تخدم قطاعاً عريضاً من الشباب ويتوقّع أن يشارك بها مؤسسات متنوّعة من مختلف مناطق المملكة, وأهميتها تكمن في أنها ستعيد دوران عجلة الإنتاج على نطاق واسع.
سداسيات درامية فكرة رائدة بمثابة ورشة عمل كبرى يظهر منها الممثل والمنتج والكاتب والمخرج, وهي بذاتها استثمار في أبناء الوطن, وهي تجربة تحتاج إلى وقت حتى تؤتي أكلها فلا ينبغي أن نحكم عليها من أول سنة, وأجمل ما في هذه الفكرة المعيار الذي يؤكِّد على (جماليات الصورة) والانطلاق من قواعد (الدراما) بعيداً عن الاجتهادات الشخصية.
سداسيات درامية وحدها لا تكفي وإنما لا بد من (مبادرات) أخرى مساندة في جميع المجالات, وبشكل مستمر, لأن التوقف عن الأفكار الإبداعية سيعيدنا لتكرار الأفكار والكركترات والكوادر.
وإذا علمنا أن المعلن يتخذ قراراه بحسب (العملاء = المشاهدين) وليس النجوم، فهذا يعني أهمية إقناع المشاهد من خلال أعمال درامية ذات معايير عالية, ذلك أن لديه مؤشرات يعرف من خلالها جدوى (الإعلان) عند المشاهدين، فإذا كان قيمة الإعلان لا تأتي له بعائد إضافي يتوقف فوراً، وهذا ما حصل فعلاً مع دعمه للأعمال الدرامية المحلية، وجد بعد 4 سنوت تقريباً من ثورة الأعمال الدرامية أنها غير مجدية فتوقف، وهدأت العاصفة، وكل ممثل ذهب لمنزله، هذا كل ما في الأمر.
من هنا تأتي أهمية إطلاق مبادرات جديدة مدعومة في البداية من التلفزيون ذات هدف عام يرتقي بالدراما المحلية, مبادرات تراعي المعلن, وتراعي المشاهد, وتراعي المنافسة, وتراعي إيجاد جيل جديد قادر على حمل المهمة بصورة مقنعة للآخرين, ويكون مع كل عمل درامي فكرة جديدة, لا تشبه فكرة أخرى وليست مستنسخة منها, حتى نصل في النهاية إلى درجة متقدمة في إقناع المعلن.
أحيي التلفزيون السعودي على الحراك الدرامي الأخير, ونقدم شكرنا الجزيل للدكتور عبد الملك الشلهوب وطاقم فريق عمله بوصفه يعمل من أجل الجميع.