رجاء العتيبي
بداية علينا أن نفرق بين الحدث الإعلامي والقيم الاجتماعية، حتى لا يختلط الأمر علينا بين ضرب معيض لأبنائه وبين استضافته عبر القنوات الفضائية كنجم اجتماعي، هنا نتذكر أننا درسنا في الإعلام أن «كلبا يعض رجلا « ليس خبرا إعلاميا يستحق المتابعة، ولكن « رجلا يعض كلبا « هذا هو الخبر باعتباره مثيرا وجديرا بالمتابعة من القراء.
نستدل من ذلك أن وظيفة الإعلام هي (متابعة الحدث) أينما كان، وكلما كان الحدث مثيرا صار تسليط الضوء عليه أكبر وأوسع وأشمل وأطول فترة ممكنة، ليس للإعلام وظيفة غير المتابعة، ومن يُحمّل الإعلام ترسيخ القيم والمبادئ والمعايير فهو مخطئ من الناحية المهنية، لأن هذه المبادئ لها جهاتها التي تهتم بها مثل: التعليم، والجمعيات، والخطباء، ويمكنهم استخدام الوسائل الإعلامية لا ضير في ذلك.
المؤسسة الإعلامية تنطلق من قيم مهنية تختلف عن القيم الاجتماعية، في إطار حدود لا تتجاوزها بالتأكيد، ولكن ليس بالضرورة أن تفكر كما يفكر الآخرون، فإذا كان الكل متفق على أن معيض أقدم على سلوك خاطئ يتعارض مع حقوق الطفل, فإن الإعلام ينظر لهذا الموقف كـ(حدث إعلامي) يستحق المتابعة، فلو أن معيض ظهر في الفيديو ناصحا لأبنائه ومعلما لهم وموجها لصغاره لما لقي متابعة إعلامية كبيرة، لأن ذلك لا يمثل حدثا إعلاميا في عرف المؤسسات الإعلامية هذا كل ما في الأمر.
إذا عرفنا وظيفة الإعلام، لم ولن يشغل بالنا ظهور معيض إعلاميا على شكل حوار أو حتى على شكل فيلم أو برنامج تلفزيوني، وأيا كان محتوى اللقاء يظل الحدث يستحق المتابعة بدليل آلاف الجماهير الذي جعلوا منه موضوعا لأحاديثهم.
هكذا هي المجتمعات النامية تريد من الإعلام والفنون أن تكون موجهة لها، تريد منها أن تكون معلمة لها، ولكن المجتمعات المتقدمة بخلاف ذلك، لأنها تعي وظيفة كلٌ من الإعلام والفنون، وإذا أرادت أن تتعلم ذهبت للجهات التي تعلمها، إنهم لا يخلطون الأمور كما نخلطها.
دعوا معيض وأبناءه ينالون حظهم من الإعلام والعقود والصفقات طالما أنهم يجلسون معه أمام الكاميرا مبتسمين وسعيدين فقد تصالحوا فيما بينهم بعد أن ذهبت حرارة (السيم) عن اجسادهم, وبقى لنا أن نفرق بين الحدث كخبر إعلامي يستحق الفلاشات، وبين القيم الاجتماعية، وراجعوا نظرية الإعلام الشهيرة «الرجل الذي عض كلبا».