تركي بن ناصر الموح
بعد أن أشار الملك عبد العزيز إلى وزير ماليته الشيخ عبدالله بن سليمان أثناء توقيع العقد للتنقيب عن النفط بقوله (ثق بالله ووقع) منذ عام 1948م، بدأ التحول الجديد في شبه الجزيرة العربية، حيث أصبحت هذه المرحلة الثانية بعد مرحلة التوحيد، وبدأ برنامج تحول جديد للمملكة العربية السعودية حتى تحولت مدنها من مدن صغيرة إلى مدن عصرية في ذلك الحين وبواديها إلى حواضر، واستمر أبناء الملك عبدالعزيز من بعده ممن تولوا سدة الحكم في هذا التحول بخطط تنموية شاملة متزامنة مع الأوضاع السياسية والاجتماعية لكل مرحلة. واليوم جاء حفيد المؤسس الأمير محمد بن سلمان برؤية السعودية 2030 لتصبح خارطة طريق لبرامج وطنية قادمة سيتم الإعلان عنها في حينها أولها برنامج التحول الوطني.
بعد أن أعاد التوازن في المنطقة بخوض حرب عاصفة الحزم، ناشد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز أبناءه وبناته من شعبه بالتفاعل مع الرؤية الجديدة للسعودية بعد أن بين بأنها من أول اهتماماته بل وأزيد بقوله: (لقد وضعت نصب عيني منذ أن تشرفت بتولي مقاليد الحكم السعي نحو التنمية الشاملة من منطلق ثوابتنا الشرعية وتوظيف إمكانات بلادنا وطاقاتها والاستفادة من موقع بلادنا وما تتميز به من ثروات وميزات لتحقيق مستقبل أفضل للوطن وأبنائه). خادم الحرمين منذ توليه العرش السعودي قام بإعادة هيكلة الحكومة وذلك بإلغاء عدة مجالس وإنشاء مجلسي للسياسة والأمن برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف ومجلس التنمية والاقتصاد الوطني برئاسة ولي ولي العهد محمد بن سلمان وهذه أول خطوة للإصلاح حيث أتت من رأس الهرم وهي مبادرة حقيقة لكشف نوايا عازمة على الإصلاح ومكافحة الفساد.
حفيد المؤسس حين خرج عبر قناة العربية في أول لقاء تلفزيوني حصري، تحدث بلغة جديدة على الشارع السعودي، وهي اللغة البيضاء المحكية بعيده عن المصطلحات الدبلوماسية وعن حقن مهدئات رجال الحكومة بل كانت محفزة ومشجعة ومستفزة للأعداء والكارهين والمتنطعين لدرجة أن الإعلام الغربي تحدث عن تلك اللغة وأشاد بها حين ذكر سموه بعض الألفاظ مثل (إدمان نفط، الشارع، الناس تحاسب، ...).
الرؤية التاريخية المستوحاة من أن التغيرات تشمل ثلاث شرائح هي الحكومة والقطاع الخاص والأفراد. فبدءاً من الحكومة التي ستكون المحرك الرئيسي للتغيير، يجب تحديث نهجها من خلال ثلاث طرق أساسية.
أولاً: من خلال اعتماد نموذج جديد للدخل تتحول فيه الحكومة من مولد مباشر للإيرادات إلى جهة تهدف أساساً إلى تسهيل استثمارات القطاع الخاص.
ثانياً: عبر تطبيق نموذج إنفاق اجتماعي، هدفه تدريب الكوادر السعودية لتصبح قوى فعالة ومنتجة تعمل في شركات تنافسية.
ثالثاً: الارتقاء بالخدمات الحكومية بما يتضمن تنسيقاً فعالاً بين الوزارات، ووضع نظام دقيق لتقييم الأداء يحدد الأولويات ويحاسب المقصرين.
وعلق صندوق النقد الدولي على الـ(رؤية المملكة 2030)، معتبرا أن الاقتصاد السعودي حقق خلال عام تعديلات كبيرة لم تكن تخطر ببال أكثر المراقبين. ولكنه شدد على أهمية تنفيذ هذه الرؤية ومعالجة ملف البطالة، وهذا ما يدفعنا إلى القول إنه يجب على الجميع الالتفاف ودعم هذه الرؤية ومن لم يساهم فيها ستطحنه عجلة التاريخ وسيصبح هشيما لنار التقدم والتطور. وكل ما نتمناه عدم غياب مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الربحية مساهمتها في هذه الرؤية لتكون أكثر فعالية لمجتمع أكثر استقراراً. وأخيراً وليس آخراً نختم بما قاله الملك عبدالعزيز:
نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعل (فوق) ما فعلوا