فهد بن جليد
علينا ألا نتوقف عند قضية (قيادة المرأة للسيارة) كثيراً، ونربط أي خطوة إصلاحية بهذه المسألة كما تفعل ذلك -للأسف- وسائل (الإعلام الأجنبية) مؤخراً!
المسألة حُسمت في أكثر من مرة، الشرع لا يُحرم جلوس المرأة خلف المقود (كفعل)، ولكنه يتوقف عند التبعات السلبية المتوقعة لهذا الأمر في الوقت الراهن، والمسألة برُّمتها مرتبطة بمدى تقبل المجتمع للخطوة التي ستأتي حتماً في الوقت المناسب، عندما نكون مستعدين لمثل هذه الخطوة وفق الأنظمة، ووفق ثقافتنا، بعد قناعة المجتمع وزوال كل العقبات.
في كل مرة كانت الحكومة تؤكد فيها أن الأمر خاضع لمدى تقبل المجتمع من عدمه، والذي يظهر أنه (غير متقبل) للأمر الآن، كانت بعض الأصوات تتعالى لتربط وتختزل تطوّر المرأة السعودية، وحصولها على حقوقها بهذه القضية دون سواها؟ وفي هذا -برأيي- إجحاف بحق كل المكتسبات الأخرى التاريخية التي حصلت عليها المرأة السعودية في مسيرة التطور والنماء، وتغيّر نظرة المجتمع وتقبله للعبها أدواراً مهمة وفاعلة في التنمية والاقتصاد والعمل، بعدما كان رافضاً في أوقات سابقة، كل هذه حقوق أصيلة حصلت عليها المرأة تدريجياً وبتقبل مختلف الشرائح المجتمعية، ولا يجب إغفالها، وقتل فرحتنا بها، باختزال حقوق المرأة في القيادة فقط.
المسألة تحتاج منا إلى تعقّل في الطرح بين القبول والرفض، وتغليب لمصلحة الوطن الذي يفخر بكل أبنائه وبناته، ويعتز بما يقدمونه في مضمار التنمية، مع إضاعة الفرصة على المتربصين بنا، وبمكتسباتنا الوطنية والمجتمعية، الذين يعزفون على هذا الوتر (بسمفونية نشاز) ليس هدفها القيادة بذاتها، بقدر إغراقنا في حالة جدلية مستمرة، في محاولة لتعطيل مسيرة المرأة السعودية، وتطلعها لمزيد من المكتسبات الجديدة.
وهذا لا يعني أن نصمَّ آذاننا عن الطرح المتزن والمفيد، والنقاش الذي يضع مصلحة الوطن أولاً، فمثل هذا الطرح مطلوب، طالما أنه لا يصادر حقوق ورأي الآخرين، ولا مرحبا بالأطروحات المتشنّجة من كلا الطرفين، التي تجعل منها (وسائل الإعلام الأجنبية) أحباراً لأخبارها، وتعليقاتها!
وعلى دروب الخير نلتقي.