أ. د.عثمان بن صالح العامر
وضع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد يوم الاثنين الماضي 18-7-1437هـ، الموافق 25-4-2016م، وضع الكل منا أمام تحدٍّ حقيقي وصولاً لعام 2030م، ولم تنقص حديث سموّه الموسع لقناة العربية عن التحول الوطني المنشود والرؤية الاستشرافية لمستقبل المملكة العربية السعودية الرائدة والرائعة الصراحة والشفافية والوضوح، بل اعتبر سموّه -حفظه الله ورعاه - أن هذه المعطيات الثلاثة ركائز أساس في المرحلة القادمة التي سنخوضها جميعاً من أجل مستقبل أفضل، فضلاً عن التركيز بشكل مباشر على نقاط القوة التي تتمتع بها بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية ولا يشاركها فيها أحد، والتي تم تحديدها بدقة متناهية بعد سبر للواقع ومعرفة للأرضية التي نقف عليها اليوم مقارنة بالإنفاق المتحقق والجهد المبذول والتصور الذهني الموجود.
* لقد صمت الأمير الشاب محمد بن سلمان منذ أن أصبح ولياً لولي العهد سنة أو يزيد، ثم خرج في يوم تاريخي مشهود ليقول كلمة الفصل، ويتحدث حديث العارف بمفاصل الوجع السعودي الآني والمستقبلي بكل مهنية وحرفية واقتدار، تاركاً انطباعاً مجتمعياً رائعاً ، صفق له الكل بقلبه ومشاعره قبل أن تصفق يداه، بعد أن شعرت الشريحة العريضة من المجتمع بأنها على أعتاب مرحلة من التاريخ جديدة، ستكون فيها أرغد عيشاً وأحسن حالاً وأكثر طمأنينة واستقراراً جراء عدم اعتماد اقتصادها السعودي كلياً على النفط الذي وإن كان له الفضل بعد الله فيما وصلنا إليه في ظل عمر قصير في دنيا الحضارات وتاريخ الأمم والدول فإنه سلعة مهددة بالانقراض يوماً ما، ونحن فيه تحت رحمة السوق عرضاً وطلباً كما هو معروف.
* ومع أن هذا الانطباع الجيد والتصفيق الحار أمر محمود ومطلوب ومهم في هذه المرحلة بالذات، فإنه لا يكفي للوصول إلى التطبيق الأمثل لهذه الرؤية الطامحة على أرض الواقع، بل لابد من العمل المتكامل والتعاون البناء من أجل مصلحة الوطن والأجيال القادمة.
* لقد حمّل سمو الأمير المواطن مسؤولية مباشرة في المشاركة الحقيقية لدفع عجلة هذه الرؤية الواعدة في جميع مضامينها، كل حسب موقعه في خارطة العطاء الوطني ومن كل حسب جهده وقدرته ومهاراته ومعارفه التي اكتسبها في مشواره العلمي وخبراته العملية والحياتية.
* أعلم كما يعلم غيري كثير أن أمام تطبيق هذه الرؤية تحديات، وفي طريق تحققها منعطفات ومنحنيات أشار إلى طرف منها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في اللقاء الصحفي الذي عُقد مساء يوم الاثنين الماضي، و تحدث عنها أهل الاختصاص الأيام القليلة الماضية -خاصة الاقتصاديين منهم- ولكنها عندي تحديات طبيعية تواجه وواجهت من قبل كل الدول الطموحة التي سطّرت لها في ميدان التقدم تاريخا، والأمثلة كثيرة وقريبة زماناً ومكاناً وحالاً، ولذا من الخطأ - في نظري طبعاً- تضخيم هذه الأشواك في ذهنية العامة وإشعارهم أن هذا طرح حالم ورؤية مثالية، ويكفي للرد على مثل هذه الأطروحة المتهاوية ما تحقق في عام منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم وحتى تاريخه من تفكيك للمشروع الصفوي الفارسي الخطير، وإعادة للهيبة والسيادة السعودية عربيا وإسلامياً، ووأد لمشروع الفوضى الخلاقة الذي أراد منه الغرب تفتيت الشرق الأوسط أشد مما هو مفتت، ومن ثم إعادة ترتيبه من جديد حسب ما يتمنون هم ويتطلعون.
* إننا في الوقت الذي نثمن لقيادتنا الحكيمة هذه الرؤية المستقبلية الواعية والواعدة 2030، إننا في ذات الوقت نجدد الوعد والعهد لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز بأن نعمل ما في وسعنا لتجسيد هذه الرؤية واقعاً معاش، وأن نبقى جنود وطن مخلصين ومواطنين أمناء وأوفياء وصادقين خدمة للدين ثم المليك والوطن، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.